ليلة الخميس الماضي كانت استثنائية لأبناء مناطق العود التابعة إداريا لمديرية النادرة شرق محافظة إب وسط البلاد وذلك نتيجة الأحداث المتسارعة والتي انتهت بسيطرة مليشيا الحوثي على جميع مناطق جبهة العود في مشهد صادم للكثير من المتابعين وأبناء المنطقة.
وخلال الأشهر الماضية عملت مليشيا الحوثي بكل الوسائل الممكنة لديها والهادفة للسيطرة على مناطق العود وحمك وقعطبة في محافظتي إب والضالع ولم تكن المواجهات المسلحة بين القوات الحكومية والحوثيين، والتي اندلعت في 23 مارس الماضي، سوى الفصل الأخير من عملية استكمال مشروع سيطرة المليشيا الحوثية على العود، فقد سبق ذلك فصول أهم واستمرت تلك الفصول لتكون هي الحاسمة في إعلان السيطرة والتقدم لمليشيا الحوثي على حساب القوات الحكومية.
مصادر مطلعة أفادت بأن مليشيا الحوثي عملت دراسة شاملة لمناطق العود والمناطق المجاورة لها من اتجاه الضالع وقامت بعملية استقطابات واسعة في أوساط عدد من مشائخ العود خصوصاً وأن مناطق واسعة في النادرة بينها مناطق العود ظلت خارج سيطرة المليشيا الحوثية وتدين بالولاء للقوات الحكومية غير أن طرفي الصراع تجنبا التمركز في مناطق العود لعدة أسباب خصوصا وأن تركة ثقيلة لدى الأهالي من مخلفات وآثار حرب المناطق الوسطى لا يمكن نسيانها بسهولة.
اتفاقات سابقة
كان هناك اتفاقات سابقة منذ العام 2015 بين مشائخ العود ووجهائها وجماعة الحوثيين والقوات الحكومية قضت بعدم إقحام مناطق العود بتبعات الأحداث والمواجهات التي تشهدها عدد من المناطق والمحافظات اليمنية منذ إنقلاب جماعة الحوثي في سبتمبر 2014، غير أن ما كانت تعمل عليه مليشيا الحوثي خلف الكواليس جعل كثيراً من أبناء ووجهاء العود يشككون بنوايا مليشيا الحوثي بمواصلة تنفيذ الاتفاقات السابقة.
البداية
صبيحة ال23 من مارس الماضي وبعد ساعات من لقاء قبلي مع المواطنين وقيادات حوثية اتفقوا فيه على استمرار تنفيذ ما تم الاتفاق عليه سابقاً، حاولت مجاميع كبيرة من مليشيا الحوثي التسلل إلى رأس جبل العود الإستراتيجي لكن الأهالي في مناطق ذودان منعوهم من الصعود لتندلع مواجهات عنيفة بين الأهالي ومليشيا الحوثي سقط فيها قتلى وجرحى من الطرفين وتم إعطاب عربتين للحوثيين ونجح الأهالي في السيطرة على جبل العود ومواقع أخرى لكن مجاميع حوثية أخرى نجحت ضمن اتفاقها مع مشائخ محليين بالسيطرة على نقيل "حدة" و"جبل الشامي" و"بيت الشوكي" أسفل العود باتجاه مديرية دمت شمال محافظة الضالع.
وبعد تلك الحادثة تدخلت القوات الحكومية لمساندة الأهالي في مقاومة مليشيا الحوثي وشهدت مناطق العود مواجهات عنيفة استمرت قرابة 25 يوماً ولم تتمكن مليشيا الحوثي من تحقيق أي تقدم ميداني سوى معارك كر وفر وهجوم وتصدي ومناوشات وقصف مدفعي متبادل بين الطرفين.
ومنذ الثالث من إبريل الجاري عمدت مليشيا الحوثي لتغيير تكتيكها بهدف تحقيق نجاحات ميدانية لكن بطرق مغايرة كان للمشائخ دور حاسم فيها، إضافة إلى نجاحهم منذ وقت مبكر في زرع خلايا حوثية في معسكر اللواء 30 مدرع والذي كان يقوده العميد عبدالكريم الصيادي حيث صدر في مارس الماضي قرار جمهوري قضى بإقالته من قيادة اللواء نتيجة اتهامات عدة له بمولاة الحوثيين وقضايا فساد مالي وإداري جرت أثناء قيادته للواء 30 مدرع.
وشكل قرار إقالة العميد عبدالكريم الصيادي وتعيين العميد هادي العولقي بدلاً عنه نقطة تحول كبيرة فجرت شرارة المواجهات بعد أيام قليلة من تسلم القائد الجديد مهامه في المعسكر بين القوات الحكومية والحوثيين، وكادت أن تودي بحياة العولقي إذ تعرض لمحاولة اغتيال من قبل ضباط داخل المعسكر قبيل سقوط المعسكر بساعات وأصيب في العملية عدد من مرافقيه.
المشائخ.. حصان طروادة
وبحسب المصادر فإن عضو البرلمان الشيخ حزام فاضل والذي سبق وأن التقى بمهدي المشاط رئيس ما يسمى بالمجلس السياسي الأعلى- أعلى سلطة للحوثيين في صنعاء - قاد فاضل مع نجله عقيل فاضل رئيس حزب المؤتمر الشعبي العام بمحافظة إب جناح صالح ونجل أخيه سلطان فاضل والمعين من قبل المليشيا الحوثية مديراً لمديرية دمت مع مشائخ آخرين بينهم عبدالحميد الشاهري ونبيل المضرحي وآخرين من وجهاء العود بهدف الإلتفاف على صمود ومقاومة الأهالي المسنودين بقوات حكومية. كان ظاهر جهود بعض المشائخ السعي لتجنيب المنطقة تبعات الحرب وإبعاد الطرفين من العود، بينما كان هناك تحركات لآخرين يتزعمهم سلطان فاضل يؤكد فيها بأن هدف الحوثي وسلطات صنعاء الوصول إلى الحدود الشطرية قبل عام 1990م وبأن ذلك وفق مخطط واتفاق مع فصائل من الحراك الجنوبي، فيما كان تجاهل التحالف العربي وإعراضه عن إسناد تلك الجبهة يقدم دلائل على صحة ما يطرحه فريق سلطان فاضل والذي نجح إلى حد ما في خلخلة قيادات مجتمعية كانت قد انحازت للمقاومة لكنها تراجعت في اللحظات الحاسمة.
انقلاب عائلة القائد المقال
ولم تكن تحركات المشائخ هي وحدها الفاعل بل ساهمت عوامل أخرى في تعجيل السقوط لجبهة العود، إذ أن عدداً من القيادات والقوات التي وصلت من المحسوبين على قوات طارق صالح وآخرين من قوات اللواء 30 مدرع والذين تم زرعهم في المعسكر بوقت مبكر، شكل تواجدهم ضربة موجعة إثر انسحابهم من مواقع مهمة في منطقة "الوحج" و"الشرنمة" ومواقع "نجد سنف" و"الدقائق" و"المصنعة" و"عسقة" ومواقع اخرى والتي كانت مقدمة لاسقاط جبل العود الإستراتيجي.
مصادر مطلعة أفادت بأن مجموعة من منتسبي اللواء 30 مدرع خصوصا ممن هم من أسرة القائد السابق العميد عبدالكريم الصيادي وهم "مجيب الصيادي، ومحمد أحمد الصيادي، ومحمد عبده أمين، وعبده مسعد الصيادي، وعنتر الصيادي، ومحمد أحمد الصيادي،" وآخرين بينهم الشيخ محمود داجنة لعبوا دوراً محورياً في تسليم المواقع وطعن الجيش من الخلف حيث سلموا قطاع "يبار" و"ظفار" و"حضار" بدون أي مواجهات.
وأفادت المصادر بأن الضابط عبده محمد عياش نصب كميناً مسلحاً لقائد اللواء 30 مدرع العميد هادي العولقي ونجا الأخير من الكمين فيما قام عياش بالتواصل مع قيادات مواقع اللواء 30 مدرع اتفق معهم على الإنسحاب من مواقعهم خصوصا مواقع "نجد سنف" و"يبار" و"ظفار" و"جبل العود" و بهذا حدث الإنهيار الكبير، إذ تبقت مجاميع قليلة من الأهالي المنخرطين في المقاومة وقاتلوا في منطقة شذان حتى أعادوا مليشيا الحوثي وفوجئوا بمليشيا الحوثي تهاجم "حمك" من أعلى "يبار" و"ظفار"، حيث كانت الصدمة كبيرة لهم إذ أن تلك مواقع محسوبة على القوات الحكومية والتي تراجعت إلى منطقة "الوطيف" وشكلوا جبهة صد بمعية أحمد قايد القبة قائد الحزام الأمني ومجموعات من اللواء 83 والرابع والقوات الخاصة.
استدراج وفخ
قبيل سقوط جبل العود بيوم هاجمت مليشيا الحوثي بمعية الشيخ نبيل المضرحي وسلطان فاضل، مواقع القوات الحكومية في قطاع "منخلة" و"سوق الخميس" وقرية "بيت القهمي"، وتمكن الحوثيون من تحقيق اختراق بالسيطرة على بعض المواقع في "منخلة" غير أن الهدف من ذلك كان سحب المقاومة والقوات الحكومية من مرتفعات العود إلى "منخلة" و"سوق الخميس" حيث تعتبر مناطق منخفضة لتكون خطة أخرى تلتف على مواقع القوات الحكومية وتكون بأعداد قليلة.
وبسيطرة مليشيا الحوثي على مواقع "منخلة" و"سوق الخميس" تمكن الحوثيون من قطع خط الإمداد عن قوات الجيش والمقاومة في جبال العود - وهي سلسلة جبلية استراتيجية تمتد على مساحة أكثر من 8 كيلومتر. وأكدت المصادر بأن لقاءً عقد مساء الأربعاء بمعية البرلماني حزام فاضل ونجله عقيل فاضل ونجل شقيقه سلطان فاضل والشاهري وآخرين بعضهم كان ضمن قيادة مواقع هامة في جبل العود الإستراتيجي اتفقوا فيها على الإنسحاب من مواقعهم لمليشيا الحوثي.
سقوط حمك ومعسكر اللواء 30 مدرع
وبسيطرة مليشيا الحوثي الإنقلابية على مواقع "نجد سنف" و"الدقائق" و"المصنعة" و"عسقة" ومواقع اخرى عقب انسحاب قوات محسوبة على طارق صالح منها، تمكن الحوثيون من التقدم بسرعة وصولاً إلى قطع الخط العام الذي يمد المواقع المتقدمة لجبهة حمك ما ادى لسقوط جبهة حمك بالكامل.
عقب محاولة ضباط من جماعة الصيادي الإنقلاب على القائد الجديد العميد هادي العولقي ونجاته من محاولة اغتيال وخروجه من معسكر "حلم" الكائن بجبهة "حمك" والمعروف بمعسكر اللواء 30 مدرع أسقط الحوثيون، الذين تم تجنيدهم ضمن قوات اللواء، المعسكر كلياً بشكل سريع هز معنويات من تبقى من عناصر القوات الحكومية.
بوابة إسقاط جبل العود
وقالت مصادر ميدانية إن مليشيا الحوثي وصلت مساء الخميس إلى مرتفعات "ذودان" وموقع "المغربة" الموقع المواجه لجبل "بصم" وهو البوابة الرئيسية لجبل العود وقرية "ذودان"، وكانت هذه هي أولى ثمار لقاء حزام فاضل مع مشائخ آخرين وقيادات ميدانية من المحسوبين على القوات الحكومية.
وأفادت مصادر مطلعة بأن مبالغ مالية كبيرة أعطيت للمشائخ وآخرين لعبوا دوراً بارزاً في السقوط المفاجئ لجبهة العود، إضافة إلى اغتنام أسلحة ومعدات عسكرية ثقيلة من قبل المشائخ وقبلت المليشيا بنهب الأسلحة مقابل إسقاط الجبهة وأشارت المصادر لتشكيل مجاميع مسلحة تابعة للمشائخ قطعت الطرق والمداخل على جبل العود من أجل الاستيلاء على الأسلحة التي كانت مع قوات الشرعية وإلصاق قضية الاستيلاء عليها بالحوثيين، مع أن الأسلحة تم نهبها من قبل مشائخ المنطقة.
*نقلاً عن المصدر أون لاين
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط
https://telegram.me/alyompress
اقرأ ايضا :
اضف تعليقك على الفيس بوك