مبادرة مجلس التعاون الخليجي نصّت على أن يكون الرئيس التوافقي من المؤتمر الشعبي العام ممثلاً بنائب الرئيس حينذاك، وتقوم المعارضة – بشكل رئيسي الإصلاح – باختيار رئيس الوزراء.
كان من المفترض أن يستمر هذا التوازن إلى الانتخابات القادمة؛ ولكن حدث تطوّر جديد على الساحة السياسية فرض نفسه وقلب موازين القوى.
حدثت معارك عمران، وحدثت مظاهرات الحوثيين المطالبة بإلغاء الإصلاحات السعرية، وحدثت مبادرة الرئيس بتغيير الحكومة، وحدثت محاولات اقتحام رئاسة الوزراء في صنعاء.
الآن من المفترض أن المباحثات تجري بشكل حثيث من أجل اختيار رئيس وزراء جديد، بعيداً عن التجمُّع اليمني للإصلاح، لم يكن ليحدث هذا أبداً لو لم تتطوّر الأمور بالشكل الحالي.
هناك مداولات أن يكون رئيس الوزراء الجديد من الحراك؛ الأمر الذي قد يرسل رسائل إيجابية إلى الشارع الجنوبي، ولكن الأمر له دلالات أخرى، فمنذ 2011م إلى اليوم تم انتقال السلطة التنفيذية من المؤتمر الشعبي العام إلى الإصلاح وشركائه، والآن ربما إلى الحراك والامتداد الحوثي المدعوم من صالح.
الثابت الوحيد في ظل كل هذه المتغيّرات هو الرئيس عبدربه هادي الذي يعتبر عنصراً محايداً في إطار كل التجاذبات السياسية المختلفة.
ولكن هل يدور الرئيس السابق صالح من خلف الكواليس لكي يدفع بهذه الجماعة وتلك حتى يسارع في تغيير موازين القوى حتى يأتي الدور مجدّداً إلى المؤتمر الشعبي العام على غرار “سلام الله على عفاش”..؟!.
واضح جدّاً أن وراء ما حدث في رئاسة الوزراء يوم الثلاثاء ليس فقط مظاهرات سلمية ودفاع سلمي عن المؤسسات الحكومية، فقد أعطى الرئيس هادي توجيهات صريحة لقوات الأمن بعدم استخدام الذخائر الحيّة، فمن أطلق النار، وكيف مات من مات..؟!.
التطوّرات السياسية على الساحة إنما تسارع في الاتجاه إلى الخلف والعودة إلى ما قبل 2011م، قد يكون هذا بسبب عدم قدرة الكيانات السياسية اليوم على المُضي إلى الأمام دون التشبُّث بطرق الماضي، أو بسبب فشلها في التغلُّب على التآمر الذي يحدث ضدّها من وراء الكواليس.
على كل حال، نحن على وشك خسارة كل شيء اكتسبناه إذا لم يتم وضع نهاية لأعمال العنف التي تحاول أن تفشل العملية الانتقالية السلمية والوصول إلى اليمن الجديد.