بعد رفضها مقترحاً سابقاً بشأن المعادن، تدرس أوكرانيا بجدية مقترحاً أميركيا جديدا منقحاً بشأن مواردها الطبيعية الشاسعة، والذي يحتوي تقريبا على نفس البنود التي رفضتها في السابق باعتبارها صارمة للغاية.
ونصت شروط الاقتراح الجديد، الذي يعود تاريخه إلى 21 فبراير/شباط، على أن تتنازل كييف للولايات المتحدة عن نصف عائداتها من الموارد الطبيعية، بما في ذلك المعادن والغاز والنفط، فضلاً عن الأرباح من المواني والبنية الأساسية الأخرى، حسب ما كشف مسؤولون أوكرانيون ومسودة الاتفاق.
فيما كان هناك طلب مماثل في نسخة سابقة من الاتفاق، مؤرخة في 14 فبراير/شباط وفق ما نقلت صحيفة "نيويورك تايمز".
مبلغ مالي مقابل المساعدات
كذلك نصت الوثيقة الجديدة على أن العائدات من موارد أوكرانيا سيتم توجيهها إلى صندوق تمتلك فيه الولايات المتحدة حصة مالية بنسبة 100%، مع وجوب أن تساهم السلطات الأوكرانية في الصندوق بما يصل إلى 500 مليار دولار، وهو المبلغ الذي طالب به الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الدولة التي مزقتها الحرب مقابل المساعدات الأميركية.
كما أن هذا الرقم يتجاوز بكثير الإيرادات الفعلية للبلاد من الموارد، والتي بلغت 1.1 مليار دولار في العام الماضي، وهو أكثر من أربعة أضعاف قيمة المساعدات الأميركية المخصصة لأوكرانيا حتى الآن.
فيما لم يتم ذكر مبلغ 500 مليار دولار في النسخة السابقة من الاتفاق، على الرغم من أن ترامب قال علنًا إن هذا ما يريده.
علما أنه من غير الواضح ما إذا كان الرئيس الأميركي يريد هذه الأموال مقابل المساعدات العسكرية والمالية الأميركية السابقة، أو ما إذا كانت هذه الأموال سوف تنطبق أيضا على الدعم المستقبلي.
الاستثمار في إعادة الإعمار
إلى ذلك تضمن الاقتراح المنقح أيضا إمكانية واشنطن إعادة استثمار جزء من العائدات في إعادة إعمار أوكرانيا بعد الحرب، بما في ذلك الاستثمار في تطوير أصول باطن الأرض والبنية الأساسية للبلاد.
كما نص على أن الولايات المتحدة يمكنها إعادة استثمار جزء من العائدات في إعادة إعمار أوكرانيا بعد الحرب، بما في ذلك الاستثمار في تطوير أصول باطن الأرض والبنية الأساسية للبلاد.
وتبدو بعض الشروط أكثر صرامة مما كانت عليه في مسودة سابقة، حيث يأتي الاقتراح الأخير بعد أسبوع قاوم فيه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي التوقيع على النسخة السابقة في نزاع علني مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
تجريد أوكرانيا من الأموال
هذا ويمكن لهذا الاتفاق المقترح أن يحول التحالف المستمر منذ ثلاث سنوات بين كييف وواشنطن، في أكبر حرب بأوروبا منذ الحرب العالمية الثانية إلى تحالف تجاري.
كما قد تؤدي شروط إدارة ترامب أيضا إلى تجريد أوكرانيا من بعض الأموال التي يتم استثمارها الآن في الغالب في الصناعة العسكرية والدفاعية في البلاد، والتي يمكن أن تساعد في إعادة بناء البلاد بمجرد انتهاء الحرب.
وكانت كييف طرحت سابقا احتمال إقامة شراكة مع الولايات المتحدة بشأن مواردها الطبيعية الثمينة كوسيلة لإقناع ترامب بتقديم دعم إضافي لجهودها الحربية.
لا التزامات أو ضمانات أمنية
فيما سعى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أيضا إلى الحصول على ضمانات أمنية لبلاده، وهو الشرط الذي كان غائبا في المسودة الأولى للاتفاقية المقدمة إليه الأسبوع الماضي، مما دفعه إلى رفض التوقيع عليها.
لكن في حين تدعو الوثيقة الجديدة إلى سلسلة من الالتزامات من جانب أوكرانيا، فإنها لا تقدم أي التزامات أمنية محددة في المقابل من جانب الولايات المتحدة.
وكان المسؤولون في كييف يدرسون الاقتراح أمس السبت ليقرروا كيفية الرد.
إلا أنهم لم يعلنوا بعد موافقتهم بعد على الصفقة بموجب الشروط المقترحة.
وقال رسلان ستيفانشوك، رئيس البرلمان الأوكراني، لوسائل الإعلام المحلية أمس إن مجموعة على مستوى الحكومة ستبدأ العمل على الاتفاقية يوم الاثنين، وإن أوكرانيا تريد الحصول على ضمانات أمنية محددة في مقابل الوصول إلى مواردها.
بينما لم يتضح ما إذا كان يقصد أن العمل سيأتي قبل أو بعد توقيع الصفقة.
يذكر أن الرئيس الأوكراني كان أول من طرح خطة منح الحلفاء الغربيين حق الوصول إلى الموارد المعدنية في أوكرانيا مقابل استمرار الدعم العسكري والمالي، وجعلها جزءا مما سمّاه "خطة النصر" التي قدمها إلى ترامب والمسؤولين الأميركيين في الخريف الماضي.
ويشير تقرير الأمم المتحدة إلى أن أوكرانيا تمتلك 21 عنصراً أرضياً نادراً من قائمة الاتحاد الأوروبي "للمواد الخام الحرجة"، وهو ما يمثل نحو 5% من احتياطيات العالم، على الرغم من أنها تشغل 0.4% فقط من سطح الأرض. ويقدر التقرير أن القيمة التقديرية للموارد المعدنية في أوكرانيا كبيرة، حيث تشير الأرقام إلى أنها قد تتجاوز قيمتها 15 تريليون دولار. ويشمل هذا التقييم مجموعة واسعة من المعادن، بخلاف المعادن النادرة، مما يشير إلى إمكانات كبيرة للتنمية الاقتصادية من خلال أنشطة التعدين بمجرد عودة الاستقرار إلى المنطقة.
ووفق التقرير، تشمل المعادن الأرضية النادرة في أوكرانيا الليثيوم، والغرافيت، والكوبالت، والنيكل، والسكانديوم، والتنتالوم، والنيوبيوم، واللانثانم، والسيريوم، والنيوديميوم، والإربيوم، والإيتريوم. وتشمل العناصر الأرضية النادرة الرئيسية الموجودة في أوكرانيا:
الليثيوم: تمتلك أوكرانيا ما يقرب من 500 ألف طن من احتياطيات الليثيوم، مما يجعلها أكبر مصدر لليثيوم في أوروبا. ويعد معدن الليثيوم ضروريا لإنتاج البطاريات، وخاصة للسيارات الكهربائية وأنظمة تخزين الطاقة المتجددة. وتبلغ احتياطيات هذا المعدن، الذي يحظى بأهمية كبيرة من وجهة نظر مصادر الطاقة المتجددة، نحو 500 ألف طن، بحسب تقرير الأكاديمية الوطنية للعلوم في أوكرانيا. ويوجد حاليًا موقعان لليثيوم، هما شيفتشينكيفسكي (دونيتسك) وكروتا بالكا (زابورييا)، التي تقع في مناطق النزاع.
الغرافيت: تمتلك أوكرانيا رواسب كبيرة من الغرافيت، والتي تمثل حوالي 20% من الموارد العالمية منه. ويعد الغرافيت عنصراً حاسماً في تصنيع البطاريات، بما في ذلك تلك المستخدمة في المركبات الكهربائية والمفاعلات النووية. ويتزايد الطلب على الغرافيت والنيكل والعناصر الأرضية النادرة الأخرى.
معدن الكوبالت، وهو معدن ضروري لإنتاج البطاريات وتطبيقات التكنولوجيا المتقدمة الأخرى.
النيكل العنصر المهم في تكنولوجيا البطاريات، خاصة بطاريات السيارات الكهربائية.
عنصر سكانديوم الذي يستخدم في تطبيقات مختلفة بما في ذلك الطيران والإلكترونيات والتنتالوم والنيوبيوم التي تستخدم في الإلكترونيات وتطبيقات درجات الحرارة العالية.
اللانثانوم والسيريوم التي تستخدم في المواد الحفازة، وتلميع الزجاج، والعمليات الصناعية الأخرى.
معدن النيوديميوم، وهو معدن مهم لإنتاج مغناطيس دائم قوي يستخدم في توربينات الرياح والمحركات الكهربائية.
معدنا الإربيوم والإيتريوم، ولهما تطبيقات في الطاقة النووية وتقنيات الليزر.
وتشير تقديرات المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO) إلى أن الاستثمار في الطاقة المتجددة يحتاج إلى مضاعفة حجمها إلى ثلاثة أضعاف حجمها الحالي حتى يتمكن العالم من الوصول إلى مسار صافي الانبعاثات إلى الصفر بحلول عام 2050. وأفادت لجنة متخصصة من الخبراء شكلها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس في عام 2024 إلى أن تحول الطاقة من المصادر الأحفورية إلى التقنيات النظيفة سيضاعف الحاجة إلى النحاس والليثيوم والنيكل والكوبالت ومواد أخرى بمقدار ثلاثة أضعاف بحلول عام 2030، وفق تقرير الأمم المتحدة.
وبالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يزيد الطلب على النحاس والأتربة النادرة على مدار العقدين المقبلين بأكثر من 40%، والنيكل والكوبالت بنسبة 60 إلى 70%، والليثيوم بنحو 90%، كما يتزايد الطلب على الغرافيت والنيكل والعناصر الأرضية النادرة الأخرى. ووفقاً لوكالة الطاقة الدولية، في تقرير الخميس الماضي، هناك حاجة إلى توسع كبير في إنتاج المعادن النادرة والمعادن الأساسية لتلبية التقنيات الحديثة وصناعات البيئة النظيفة، ويتطلب العالم تشغيل 50 منجماً إضافياً لليثيوم و60 للنيكل و17 للكوبالت.
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط
https://telegram.me/alyompress
اقرأ ايضا :
اضف تعليقك على الفيس بوك