إيران قد تسمح بدخول مفتشين أميركيين لمنشآتها النووية إذا حصل اتفاق

 

أكد رئيس منظمة الطاقة الذرية في إيران، محمد إسلامي، اليوم الأربعاء، أنّ بلاده ستعيد النظر في منع مفتشين أميركيين الدخول إليها عن طريق الوكالة الدولية للطاقة الذرية فقط، للمشاركة في أنشطة التفتيش للوكالة للمنشآت النووية الإيرانية. وقال، على هامش اجتماع الحكومة الإيرانية الأسبوعي، إنّ "الدول التي تعاملت معنا بعدائية لم نسمح سابقاً لمفتشيها بالدخول، كما أنهم يرفضون مفتشين إيرانيين، ولكن في حال إنجاز اتفاق، ووضع مطالب إيران في الاعتبار، سنعيد النظر في موضوع قبول مفتشين أميركيين عن طريق الوكالة الدولية للطاقة الذرية فقط".

وشدد إسلامي، في تصريحاته لوسائل إعلام محلية، على أنّ "حرمان إيران من إمكانية تخصيب اليورانيوم يعني مصادرة كامل الصناعة النووية" الإيرانية، مؤكداً أنّ استمرار التخصيب في داخل الأراضي الإيرانية "يُعدّ خطاً أحمر"، مشيراً إلى أن إيران أكدت للطرف الأميركي أنه "يجب أن تملك، بشكل قطعي وغير قابل للتشكيك، صناعة تخصيب اليورانيوم".

وفي معرض ردّه على سؤال حول ما تردد في الإعلام بخصوص طرح مشروع تشكيل اتحاد إقليمي لتخصيب اليورانيوم، قال إسلامي، وفق وكالة إرنا الإيرانية الحكومية، إنّ ما يُنشر على وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، خاصة لدى الإعلام الأجنبي وبعض الأوساط السياسية "لا يعكس حقيقة المفاوضات، بل هي سرديات تروجها تلك الأوساط"، مؤكداً أن "الأصل هو أن إيران يجب أن تملك صناعة تخصيب لا جدال فيها".

وأكد رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية أن بلاده "لم تتلق بعد اقتراحاً رسمياً" حول موضوع اتحاد إقليمي لتخصيب اليورانيوم. وخلال الشهر الماضي، طرح موضوع إنشاء هذا الاتحاد الإقليمي لتخصيب اليورانيوم، بحسب ما أفادت به صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، التي قالت إنّ وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، طرح هذا المقترح خلال الجولة الرابعة من المفاوضات مع المبعوث الأميركي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف.

وبحسب هذا المقترح، يتم إنشاء الاتحاد بمشاركة إيرانية وخليجية، مما يسمح بمواصلة تخصيب اليورانيوم داخل إيران بمستويات متدنية أقل من 5% تحت إشراف أممي.

غير أنّ نائب وزير الخارجية الإيراني، مجيد تخت روانجي، نفى لاحقاً أن تكون طهران قد تقدمت بهذا المقترح، لكنه قال في الوقت ذاته "ثمة أفكار قد طرحت في هذا الشأن، وإذا طرحت لاحقاً بشكل جاد، حينها يمكننا دراسة الأمر وإبداء رأينا". وأكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقايي، لاحقاً أنّ إيران لم تقدّم هذا العرض، معلناً ترحيبها بـ"أي عملية تشارك فيها دول المنطقة لتخصيب اليورانيوم وإنتاج الوقود النووي للمشاريع النووية السلمية، لكن هذا الابتكار لا يمكن أن يشكل بديلاً عن تخصيب اليورانيوم داخل إيران"، وفق قوله.

كما ذكرت صحيفة خراسان الإيرانية المحافظة أنه خلال الأسابيع الأخيرة تم طرح هذا العرض من قبل وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي بشكل غير رسمي في المفاوضات، مشيرة إلى أنه ينص على تشكيل اتحاد نووي مشترك في المنطقة بين إيران والسعودية والإمارات "مع حصة رمزية للولايات المتحدة" للقيام بتخصيب اليورانيوم بدرجة نقاء 5%.

إلى ذلك تحدّث إسلامي عن التزامين إيرانيين، قال إنّهما أساسيَّان: الأول، حسب قوله، أنّ إيران أعلنت صراحة أنها لا تسعى على الإطلاق إلى إنتاج سلاح نووي. والثاني أنّ التخصيب في إيران "لن يُستخدم أبداً لأي غرض عسكري"، مضيفاً أنّ "هذين الالتزامين ثابتان، وإيران ليس لديها أي برنامج يتجاوز ما أُعلن عنه علناً وبشفافية".

وأشار إسلامي إلى أنّ نائب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية هوا ليو، قد وصل إلى طهران بهدف متابعة موضوع المواقع المتبقية، في إشارة إلى مواقع مشبوهة بممارسة أنشطة نووية غير معلنة، وفق إعلان سابق للوكالة. ودعا الوكالة إلى "وضع حد لتأثرها بالنفوذ الصهيوني وأن تتصرف بمهنية"، قائلاً إنه "مع الترتيبات والخطوات التي اتخذناها، نأمل في إحراز تقدم في تسوية هذين الموقعين المتبقيين. هذا وعد قطعه السيد رافاييل غروسي (مدير عام وكالة الطاقة)، ونأمل في أن يكون الحوار والزيارات الحالية بمثابة خطوة للأمام".

وتدور الخلافات بين إيران والوكالة الدولية بشأن موقعين اثنين مشتبهين بممارسة أنشطة نووية غير معلنة من أصل أربعة، قالت طهران خلال سبتمبر/أيلول الماضي، إنها تقلصت إلى موقعين، فضلاً عن طلب الوكالة منها زيادة عمليات التفتيش والشفافية، وتركيب المزيد من كاميرات المراقبة، في ظل تقدم كبير شهده البرنامج النووي الإيراني منذ الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي عام 2018.

وفي السياق، قال غروسي اليوم، إن المحادثات النووية بين إيران والولايات المتحدة "لم تحسم بعد"، لكنه وصف استمرارها بأنه مؤشر جيد. ورداً على سؤال عن اختلاف المواقف بين أميركا وإيران بشأن التخصيب، قال: "ليس من المستحيل التوفيق بين وجهتي النظر". واعتبر أن عمليات التفتيش الحازمة التي تجريها الوكالة يجب أن تكون جزءاً من أي اتفاق بين طهران وواشنطن.

مشاورات بشأن جولة التفاوض المقبلة بين إيران والولايات المتحدة

من جهته، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقايي، اليوم الأربعاء، في بيان صحافي، إنّ المشاورات مستمرة بشأن تحديد زمان ومكان الجولة السادسة من المفاوضات مع واشنطن، مشيراً إلى أنّ سلطنة عمان ستعلن عن المكان والزمان فور الاتفاق النهائي عليهما.

ورفض بقايي بشكل كامل ما وصفها بأنها شائعات بشأن أي مرونة إيرانية في ملف التخصيب، مؤكداً أنّ "استمرار التخصيب في إيران كجزء لا يتجزأ من الصناعة النووية الوطنية هو مبدأ أساسي للجمهورية الإسلامية الإيرانية، وأي اقتراح أو مبادرة تتناقض مع هذا المبدأ، أو تؤدي إلى الانتقاص من هذا الحق، غير مقبولة على الإطلاق".

وشدد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية على أولوية إنهاء العقوبات التي وصفها بأنها "جائرة"، نافياً صحة ادعاءات بوسائل إعلام غربية بشأن بعض جوانب الاتفاق المحتمل، قائلاً إن "هذه الادعاءات مجرد تكهنات إعلامية تطرح وتنشر لأغراض ودوافع مختلفة، ولا يمكن تأكيد أي منها".

وفي السياق عينه، أكد وزير الخارجية العماني بدر بن حمد البوسعيدي، اليوم الأربعاء، أن المفاوضات بشأن الملف النووي الإيراني مستمرة بين طهران وواشنطن، معرباً عن تطلعه لأن تحقق النتائج المرجوة. وقال في تصريحات أدلى بها لوسائل الإعلام عقب لقائه الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، الذي وصل مسقط في زيارة رسمية أمس الثلاثاء، "نتطلع أن تصل (المفاوضات) إلى ما هو مرجو لها، وبشكل مرضٍ للطرفين، بما يخدم الأمن والاستقرار في هذه الموضوعات العالمية".

وفي السياق، رأى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، اليوم الأربعاء، أن المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران بشأن البرنامج النووي الإيراني تسير في الاتجاه الصحيح. وعبّر عن أمله في استمرار إحراز تقدم في المحادثات.