سيطرة الحركة الحوثية على مفاصل الدولة المدنية والعسكرية في العاصمة صنعاء في الحادي والعشرين من سبتمبر 2014م بشكل سريع أثار الكثير من الدهشة والاستغراب لم يجعل الحركة وقيادتها تعزو تلك السيطرة لعوامل وظروف موضوعية داخلية وخارجية منحتها تسليم مؤسسات الدولة لها وإحكام قبضتها على المرافق الحيوية والسيادية بل فسرت تلك التطورات الدراماتيكية بما يتلاءم مع أيدلوجيتها السياسية والفكرية كحركة دينية أصولية فتوهمت أن هذه الإنجازات الخاطفة التي حققتها حقوق أرجعت لأهلها بتأييد إلهي ومباركة سماوية مما جعلها تلغي من قاموسها السياسي مفردة الهزيمة ولا تكترث لأي خسارة في صفوف مقاتليها.
إن أداء الحركة الحوثية لم يكن مع الماضي فحسب بل هو أقرب لإعادة إنتاج كل سلبيات الماضي التي تخلصت منها شعوب العالم منذ فترة طويلة وبطريقة أسوأ فلجأت الحركة لشيطنة التحركات الاجتماعية واستخدام الوسائل الغير قانونية في مواجهتها ورفضت النقد وألجمت الإعلام وسيست الإدارة والأجهزة الأمنية وتخلت عن ضوابط الحكم الرشيد وأكتفت بترديد شعارات جوفاء من قبيل محاربة الإرهاب أو مكافحة الفساد واحتكرت تمثيل الشأن العام متخلية عن التوافق متنكرة لآمال وتطلعات اليمنيين ولتضحياتهم الجسيمة عبر تاريخهم النضالي الطويل متمسكة بخطاب متعال يخفي العجز الواضح لها ممتلئ بعقلية الإقصاء والإجتثات.
قدم الحوثيون نمطا تسلطيا في ممارسة السلطة ولم يدركوا أن هيبة الدولة لن تكن إلا باقتناع المواطنين أن الدولة في خدمتهم وليست في خدمة عائلة أو فئة أو أي تحالف سياسي مهما كان وزنه كما أنهم لم يعوا أن التيارات السياسية الدينية كتيارهم المستندة في مشروعيتها على مصدر ديني مناف لمقاصد الدين ومصالح الناس في تفاعلاتها وسلوكياتها تؤدي لنفور المجتمع منها لأنها ليس لديها القدرة على التفريق بين المتطلبات والحاجات السياسية والمتطلبات الأخلاقية والقيمية التي هي محل اهتمام جميع الأديان ولا تملك إيجاد سبل التواصل مع مستلزمات التطور العلمي والثقافي والتقني ومن ثم فهي تتجنب سلوك أبواب النجاح في التخطيط المدني والخدمي وتعجز عن الوفاء بما يحتاجه الإنسان المعاصر.
قدم الحوثيون أنفسهم للمجتمع اليمني متلبسين بأساليب كثيرة منها ما هو ديني ومنها ما هو ثوري كالقضاء على التدهور الاقتصادي والفساد الاجتماعي وأمسكت بزمام السلطة ومراكز القوة وهي لاتملك الفكر الوطني السليم ولا وسيلته ومنذ اللحظة الأولى لهيمنة هذه الجماعة التي تحمل أفكارا متطرفة مشحونة بالعدائية وروايات الخرافة لم يخامرني شك في أن المصائب ستتهاطل على رؤوس اليمنيين لتلقي بظلالها الكئيبة على أوضاع اليمنيين المحتقنة أصلا بكل غبار السنين الماضيات ووقائع سنوات الجمر والعذاب لنظام حكم صالح وعصابته ولم يتسلل لنفسي أدنى ريب بأن هذه الجماعة ستسقط سريعا كما صعدت سريعا بلا مشروعية سياسية أو مؤهلات علمية أو قيمية وها نحن نعيش اليوم لحظة انهيارها كشيء مسلم به لمن يعي قوانين السياسة والتاريخ وحركة المجتمعات .
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط
https://telegram.me/alyompress
اقرأ ايضا :
اضف تعليقك على الفيس بوك