إن استعادة الدولة الشرعية في اليمن يحتاج إلى عمليتين رئيسيتين متلازمتين ، فالعملية الأولى هي : عملية التحرير ، والعملية الثانية هي : عملية التأمين .
فعملية التحرير هي : تحرير اليمن من الانقلاب الحوثي وتخليصها منه ، وعملية التأمين هي : تأمين اليمن بصورة مباشرة بعد تحريرها من الانقلاب ، ومن المعروف ان عملية التحرير الكلي لن تتحقق الا من خلال التحرير الجزئي ، وهو كذلك في التأمين الكلي الذي لن يتحقق إلا من خلال التأمين الجزئي . . وما أريد ان اقوله هنا هو ليس المفترض العودة إلى تحقيق التأمين الجزئي بعد تحقيق التحرير الكلي لأن هذا الأمر يعتبر خطأ فادح له سلبياته المتعددة ونتائجه الكارثية ، ولكن المطلوب هو تلازم التحرير بالتأمين بصورة مستمرة ، فالتحرير الجزئي يتطلب بعده مباشرة تأمين جزئي ويجب ان لايتم الانتقال إلى تحرير جزء آخر الا بعد ان يتم تأمين الجزء السابق الذي تم تحريره .
مايحدث اليوم في عدن بعد تحقيق عملية التحرير من الانقلاب الحوثي من تلك الممارسات التي تزعزع الأمن والاستقرار وتقلق السكينة العامة وترتفع فيها دعوات الانفصال ويتم فيها السطو والقتل والتعدي وابراز التصرفات الخاطئة والاخلاق المنحطة التي تشكل خطراً كبيراً على الدولة الشرعية التي عادت إلى عدن بعد ان تم تحريرها ، وهذا له دلاله واضحة على ان مايحدث في عدن اليوم يدل على ان عدن تم تحريرها ولم يتم تأمينها ، وهو مايفرض القيام به في عدن بعد تحقيق عملية التحرير يجب تحقيق عملية التأمين .
تعتبر عملية التحرير عامل استعادة ، وتعتبر عملية التأمين عامل محافظة ، فاذا كانت عملية التحرير تؤدي إلى استعادة الدولة الشرعية في اليمن فأن عملية التأمين تؤدي إلى المحافظة على استعادة تلك الدولة ، واذا كانت عملية التحرير تؤدي إلى تحقيق النصر فأن عملية التأمين تؤدي للمحافظة على ذلك النصر وهذا مايجب ان يعرفه الرئيس هادي والحكومة اليمنية ودول التحالف وكل من يناهض الانقلاب ، اذ ان ليس من الصعب الوصول للقمة ولكن من الصعب المحافظة على البقاء في القمة ، وليس من الصعب تحقيق النصر على الانقلاب ولكن من الصعب المحافظة على ذلك النصر ، وليس من الصعب استعادة الدولة الشرعية في اليمن ولكن من الصعب المحافظة على تلك الدولة .
ليس من الصح او المقبول او المنطقي ان يتم تحرير عدن بدون تأمينها ، وليس من الصح ان يتم تحرير عدن ثم يتم الانتقال إلى تحرير تعز التي لم تتحرر بدون تأمين عدن التي تحررت ، وليس من الصح ان يتم الانتقال إلى تحرير صنعاء التي لم تتحرر بدون تأمين عدن وتعز التي تحررت ، وكذلك الحال مع مأرب والجوف وغيرها ، فمتطلبات المعركة على ارضية الواقع تتطلب تحرير عدن ثم تأمينها ، ثم يتم الانتقال إلى تحرير تعز بعد تأمين عدن المحررة ، ثم يتم الانتقال إلى تحرير صنعاء بعد تأمين تعز المحررة ، وكذلك الحال مع مأرب والجوف وغيرهما ، فالمعركة تحتاج إلى تحرير وتأمين كخطة تكتيكية تحقق انجاز وتبسط سيطرة ، فخطوات التحرير نحو التقدم تحتاج إلى تأمين يمنع من تراجعها نحو الوراء ، وتوجه التحرير نحو الأمام يتطلب تأمين يسانده ويحميه من الخلف.
نظراً لغياب التأمين المفترض بعد التحرير فأن عدن اليوم تخلصت من الجماعة الانقلابية وسقطت في ايدي الجماعة الانفصالية ، فعدن تحررت من انقلاب حوثي وانتقلت نحو انقلاب انفصالي ، وهذا مايشكل نفس الخطر على الدولة الشرعية في اليمن ، فدعوات الانفصال تعتبر انقلاب على الدولة الشرعية في اليمن يشابه ذلك الانقلاب الحوثي تماماً.
من خلال النظر إلى واقع عدن بعد التحرير سنجد انها انتقلت إلى مرحلة أشد خطر من حيث التأثير على معركة استعادة الشرعية بشكل عام ، فالدولة الشرعية التي كانت تواجه انقلاب واحد عليها قبل تحرير عدن اصبحت تواجه اليوم انقلابين بعد تحرير عدن فهي تواجه الانقلاب الحوثي والانقلاب الانفصالي مماجعلها تعاني من الضربات التي تتلاقها من الامام اتجاه صنعاء ، ومن الطعنات التي تتلاقها من الخلف او الداخل اتجاه عدن ، وهذا مايجعل الدولة الشرعية تحتاج إلى تأمين عدن حتى تحرر صنعاء وتحتاج إلى تأمينها من الداخل حتى تتفرغ لمن يواجهها من الخارج وهذا مايدل على أن تأمين عدن يتطلب الاولوية على تحرير صنعاء واذا كان تحرير صنعا مهم فأن تأمين عدن اهم بالنسبة لدولة الشرعية في اليمن المتمثلة بتواجد الحكومة اليمنية حالياً.
من خلال النظر إلى عدن كعاصمة يمنية وكمنطقة محررة وكمكان تتواجد فيه الحكومة اليمنية فأن عملية تأمينها مقدم على تحرير صنعاء ، وعملية تأمين عدن تحتاج إلى تأمين داخلي من اي خطر يهدد شرعية الدولة وتواجد الحكومة وذلك يتطلب الاعتماد على جيش عسكري بدرجة اساسية وليس بالاعتماد على التعاون مع اي مكون شعبي ، وعملية التأمين الخارجي يتطلب تأمين على الارض وتامين من الجو من خلال صد اي هجوم بري واي استهداف جوي .
اخيراً اقول ان اولئك الذين ينادون بالانفصال في عدن لايمكن ان نسميهم مقاومة جنوبية ، فليس هناك مقاومة تناهض انقلاب وتدعوا الى انقلاب اخر ، وليس هناك مقاومة تحرر ارضها من انقلاب لتستبدله بانقلاب اخر ، وهذا مايجعل عملية تأمين عدن تستخدم اسلوب مشابه لأسلوب عملية التحرير اذا استمر وضع عدن بهذا الحال ، فأسلوب عملية التحرير الذي تم استخدامه في تحرير عدن من الانقلاب القادم من صنعاء قد يتكرر استخدامه في عملية تأمين عدن من الانقلاب النابع من عدن نفسها .
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط
https://telegram.me/alyompress
اقرأ ايضا :
اضف تعليقك على الفيس بوك