كسرت قوات الجيش اليمني الموالي للشرعية والمقاومة الشعبية حاجز الطوق حول العاصمة اليمنية صنعاء، وأكملت السيطرة على واحد من أهم المواقع المؤدية إليها، ممثلاً بمنطقة فرضة نِهم الواقعة بين صنعاء ومأرب، الأمر الذي ضاعف إرباك جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) والموالين للرئيس ( المخلوع ) علي عبدالله صالح.
أكّدت مصادر ميدانية من المقاومة وقوات الجيش الشرعي، لـ"العربي الجديد"، إحكام السيطرة على منطقة فرضة نِهم بعد معارك بدأت بشكل متقطع منتصف ديسمبر/ كانون الأول العام الماضي، وتصاعدت في الأسابيع الأخيرة بغطاء جوي مكثف من مقاتلات التحالف، لتنتهي بالسيطرة على المعسكر الواقع في منطقة جبلية بين صنعاء ومأرب، فيما سقطت أعداد كبيرة من القتلى غالبيتهم من الحوثيين.
وتكتسب السيطرة على منطقة فرضة نِهم أهمية استراتيجية، إذ إنها تمثل عملياً جزءاً كبيراً من مديرية نِهم الواقعة شرق صنعاء بمحاذاة مأرب والجوف، ويفصلها عن العاصمة نحو 50 كيلومتراً تمرّ بمناطق جبلية أبرزها نقيل بن غيلان، فيما تقول مصادر في قوات الجيش الشرعي، إنها باتت قادرة على قصف أهداف في أطراف صنعاء بالمدفعية وقذائف الكاتيوشا.
وتحدثت مصادر ميدانية من المقاومة لـ"العربي الجديد"، عن أسباب الانهيار الذي اعتبرته "مفاجئاً" للحوثيين والموالين لصالح في نِهم، موضحة أن أنصار الجماعة في هذه المديرية لا يتجاوز 20 في المائة من أبنائها، بالإضافة إلى رسائل طمأنة بعثتها شخصيات وقيادات موالية للشرعية للمحسوبين على الحوثي في نِهم ومديرية بني حشيش المجاورة، بأنه لن تكون هناك عمليات انتقام، وفي الوقت نفسه، كانت مقاتلات التحالف تنفذ غارات جوية مكثفة وصلت إلى 150 ضربة جوية أخيراً.
وتعد مديرية نهم من أكبر مديريات صنعاء (المحافظة/ الضواحي)، إذ تبلغ مساحتها 1841 كيلومتراً. وعلى الرغم من أن المساحة التي سيطرت عليها لا تزال عشرات الكيلومترات، إلا أنها اقتربت عملياً من مركز المديرية، كما من شأنها فتح الطريق نحو جبهة أرحب المعروفة بالنفوذ القبلي لمعارضي الحوثي وصالح من حزب "الإصلاح"، وبذلك تصبح الجهة الشرقية والشمالية لصنعاء تحت سلطة الشرعية.
وتقول مصادر سياسية في صنعاء إن تطورات نِهم تمثل كسرا لما يُعرف بـ"حاجز الطوق" المحيط بالعاصمة، الأمر الذي يفتح المجال لجبهات أخرى في خولان وأرحب وغيرها من المناطق، كما يفتح مجالاً لشراء الولاءات، بما يجعل الآثار النفسية والسياسية للتقدم في نِهم أكثر منها مكسباً عسكرياً بحتاً.
ويعتبر الخبير في شؤون النزاعات المسلحة، علي الذهب، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه "لم يعد لقواعد القتال التقليدي أي أهمية في المعركة المحتمل وقوعها على الأبواب الأخرى للعاصمة، لأن الحوثيين وصالح يقاتلون بآخر ما لديهم من إمكانيات مادية وبشرية، بينما تتمتع المقاومة والجيش الوطني بإسناد جوي ودعم لوجستي لا ينقطع من أسلحة وذخائر وغيرها".
ويضيف الذهب أنه "يبقى شيء واحد هو ما قد يطيل المعركة، وهو تحوّل المعركة إلى نموذج حرب الشوارع وعندها يمكن أن نطلق عليها معركة عض الأصابع، فيما لو ضمنت المقاومة والجيش الوطني السيطرة على الطرق المؤدية إلى صنعاء، وضمنت تحييد أو كسب القبائل المحيطة بها، فإنه يمكن القول عندها إن المعركة انتهت فعلياً، لكن الحرب (عند تحولها لحرب شوارع)، قطعاً لن تنتهي".
ويتصدّر الصفوف الأمامية للمقاومة والقوات الموالية للشرعية قبيلون وعسكريون من المتضررين أساساً من توسع الحوثيين، والذين أسقط الحوثي معسكراتهم أثناء توسعه إلى صنعاء عام 2014، كما قام بتفجير منازل وتهجير وجهاء قبائل منهم، وهم من محافظات مختلفة، أبرزها عمران.
وترك سقوط فرضة نِهم أثراً مباشراً لدى الحوثيين وحلفائهم، الذين لم يعد بوسعهم تجاهل الهزائم الميدانية بعدما انتقلت المعركة من عدن إلى ضواحي صنعاء. وتختلف معطيات المعركة شمالاً وتحديداً في المناطق المحيطة بصنعاء، إذ إن المقاتلين من الجانبين من بيئة عسكرية أو قبلية عُرف عنها حمل السلاح، خلافاً للمحافظات الجنوبية التي كان الحوثيون أكثر خبرة قتالية فيها.
وعلى الرغم من التقدّم شرق صنعاء والآمال بأن يمثل ذلك مقدّمة لمزيد من التقدّم أو لفتح جبهات أخرى بمحيط العاصمة، لكن ذلك لا يعني بالضرورة أن طرفي الانقلاب قد يسلمان بالنتيجة، ومن المتوقع أن يسعيا إلى تدارك الجبهة الشرقية لإعاقة التقدّم أكبر قدر ممكن.