أرجع قياديان في المقاومة الشعبية اليمنية تأخير عملية تحرير محافظة تعز إلى عوامل، بعضها ذاتية تتعلق باستكمال تجهيز الألوية العسكرية المخصصة لمعركة الحسم، وأخرى مرتبطة بالخطة العسكرية للتحالف العربي والسلطة الشرعية لتحرير اليمن بشكل عام من الانقلاب.
وتراوح الحرب بالمحافظة مكانها بين الكر والفر وتبادل الهجوم والدفاع بين قوات الجيش الوطني والمقاومة من جهة، ومليشيات الحوثي والقوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح من جهة أخرى التي تتحكم في الدخول والخروج بمركز المحافظة الذي يحمل اسمها وتفرض حصارا خانقا على دخول المواد الغذائية والطبية.
ويتركز الصراع أكثر على مدينة تعز التي يسكنها حاليا أكثر من ستمائة ألف، حسب ائتلاف الإغاثة الإنسانية بالمدينة، حيث تسيطر قوات الشرعية على أغلب مناطقها ويتحكم الحوثيون وقوات صالح بأطرافها ومنافذها، وفي الريف تدور مواجهات بين الطرفين ببعض المديريات الجنوبية والغربية.
ومع مطلع الشهر الجاري استطاعت قوات الجيش الوطني والمقاومة تحقيق تقدم كبير في الجبهة الجنوبية بتحريرها مديرية المسراخ، وكان أكبر إنجاز تم تحقيقه في أغسطس/آب الماضي بالسيطرة على أغلب المقار الحكومية المدنية والعسكرية والاستخباراتية غرب وشرق تعز.
وتقول مصادر في المقاومة للجزيرة نت إن المجلس العسكري بإشراف التحالف العربي الذي تقوده السعودية يعمل على إعداد ثلاثة ألوية عسكرية للتحرير، ولم تستبعد أن تكون عملية التحرير مفاجئة ومرتبطة بالتطورات العسكرية في صنعاء.
اختلال موازين القوة
ويلخص المتحدث العسكري باسم المجلس الأعلى للمقاومة بتعز العقيد الركن منصور الحساني أسباب تأخر الحسم في نقص الأسلحة -خاصة الثقيلة- والذخيرة الكافية، وهو ما جعلهم في حالة دفاع في الأغلب، وفي تفوق الطرف الآخر بالقوة العسكرية لوجود ألوية عسكرية كثيرة.
وأشار الحساني في حديث للجزيرة نت إلى أن من الأسباب أيضا تمركز الحوثيين وقوات صالح في المناطق السكنية بالمدينة مما يعيق استخدام الكثافة النارية أثناء عمليات الاقتحام، فضلا عن حقول الألغام المنتشرة في الطرقات والمواقع والتي تصعب مهمة الأفراد في التقدم.
لكن المتحدث ذاته أوضح أن عملية تحرير تعز مرتبطة بالخطة العسكرية العامة للتحالف والسلطة الشرعية لتحرير اليمن بأكملها ولا يمكن الحديث عنها بمفردها، لكنه لم يستبعد أن تكون متزامنة مع عملية استعادة العاصمة صنعاء، من دون أن يفصح عن مزيد من التفاصيل.
استنزاف وتشتيت
من جانبه، ألقى القيادي الميداني في المقاومة توفيق عبد الملك باللائمة في تأخير الحسم على جهة -رفض تسميتها- قال إنها استنزفت جهود المقاومة والتحالف طوال الأشهر الستة الماضية في محاولات فتح أحد المنافذ الرئيسية ومع ذلك لم يتحقق هذا.
وفي تقدير عبد الملك تكمن المشكلة في تشتيت الأولويات ومحاولات اختزال المعركة في الحصار الذي هو نتاج لما وصفه بالاحتلال الذي يجب أن يزول ويكون في قائمة الأولويات لإخراجه من المحافظة بدلا من المراوحة في حالات الكر والفر والدفاع.
وأشار في حديث للجزيرة نت إلى أن الفرصة كانت سانحة للتحرير في أغسطس/آب الماضي عندما تمكنت المقاومة من تحرير معظم الأحياء الإستراتيجية والسيطرة على ما يعرف بالمربع الأمني الذي يشمل مقار الشرطة والمحافظة والمخابرات وقلعة القاهرة، لكن التقدم توقف عند هذا المستوى بسبب محدودية السلاح والذخيرة.
وتساءل عن تأخير تنفيذ الخطة العسكرية التي تمت الموافقة عليها من قبل الرئيس عبد ربه منصور هادي في عدن خلال نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، والتي حددت كل مسارات التحرير.