بعد عشرة أيام من التأخير والخلافات، نجحت الضغوط الدولية في تحريك عجلة المباحثات اليمنية المنعقدة في الكويت؛ لكن الطريق إلى اتفاق نهائي لا يزال طويلا.
تطلبت الموافقة على البدء بمناقشة جدول العمال المقترح من الأمم المتحدة أكثر من أسبوع. وهو وضع يُبين حجم الصعوبات، التي تواجهها عملية السلام، وعمق الخلافات بين المتحاورين. ويُتوقع أن يحتاج هؤلاء إلى أسابيع عديدة للتوصل إلى اتفاق شامل على القضايا الشائكة المطروحة في جدول الأعمال.
ومن المهم الإشارة إلى أن الموافقة على البدء بمناقشة جدول الأعمال لم تكن سهلة لو لم تمارس الدول الكبرى الخمس والاتحاد الأوروبي ضغوطا كبيرة، ولو لم يتدخل شخصيا أمير دولة الكويت لإنقاذ المحادثات من الانهيار؛ حيث تمسك كل طرف بشروطه قبل الدخول في قضايا الحوار.
إسماعيل ولد الشيخ أحمد، وبعد أسبوعين من الإحباط، خرج متفائلا وصرح بأن الوضع الأمني في اليمن تحسن بشكل ملحوظ في الأيام الأخيرة بفضل جهود لجنة التهدئة واللجان المحلية وأعضاء الوفود والمجتمع الدولي.
ومع ذلك، فإنه دان استمرار الخروق، التي ترافق اتفاق وقف إطلاق النار، ولا سيما في تعز والجوف وجميع المناطق التي لا تزال تشهد اشتباكات، وحاول التخفيف من تأثير تلك الخروق، بالتشديد على أن تثبيت السلام سيستغرق وقتاً ويتطلب حسن نية من جميع الأطراف.
وعلى الصعيد السياسي، تحدث المبعوث الدولي عن المشاورات المكثفة، التي أجراها في الأيام القليلة الماضية مع مختلف الأطراف والجهات. وعقد جلسات جامعة وأخرى ثنائية وبعضها كان مع رؤساء الوفود، وأكد أن الجلسات الأخيرة اتسمت بالإيجابية. وكان واضحا التزام الأطراف بمتابعة البحث عن حل سياسي شامل والدخول مباشرة في جدول الأعمال المتفق عليه.
وكان ولد الشيخ قد استعان بأمير دولة الكويت وسفراء الدول الراعية للتسوية في اليمن للمساعدة في إنقاذ المحادثات من الانهيار بعد تعليق المحادثات يومين بسبب الخلافات؛ حيث اشترط الحوثيون وممثلو الرئيس السابق وقف تحليق طائرات التحالف الحربية قبل مناقشة جدول الأعمال؛ وهو ما رفضه الجانب الحكومي، الذي رأى في الطلب محاولة لتحريك أسلحة وصواريخ إلى جبهات القتال.
وقد رافق هذا التقدم البسيط صدور بيان عن رئاسة مجلس الأمن، دُعيت فيه جميع الأطراف اليمنية إلى وضع خريطة طريق لتنفيذ التدابير الأمنية المؤقتة، ولا سيما على المستوى المحلي وعمليات الانسحاب وتسليم الأسلحة الثقيلة واستعادة مؤسسات الدولة واستئناف الحوار السياسي، بما يتماشى مع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة ومبادرة مجلس التعاون الخليجي وآلية تنفيذها ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني.
ولأن البيان طالب الأمين العام للأمم المتحدة بتقديم خطة في غضون ثلاثين يوماً، تشرح كيفية دعم هذه الإجراءات وما يحتاجه المبعوث الخاص من دعم إداري وفني في هذا الصدد، فإن ولد الشيخ احمد شدد على أن الوقت قد حان لتوقف الأطراف عن الصراع والبدء ببناء المستقبل، وطلب من المشاركين الاستماع لصرخات اليمنيات واليمنيين التواقين إلى الأمن والاستقرار.
بدورها، دخلت جماعة الحوثيين على خط التفاؤل من محادثات السلام في الكويت، وتحدثت عن مؤشرات إيجابية تختلف عن المحادثات السابقة التي عقدت في سويسرا وإن تمسكت برؤيتها المطالبة بأن يكون البحث عن حل سياسي مقدما على الانسحاب من المدن وتسليم الأسلحة.
وخلافا لدعواتها المستمرة للصمود في جبهات القتال، دعا مهدي المشاط، مدير مكتب عبد الملك الحوثي، الجميع وللمرة الأولى إلى التفاؤل والابتعاد عن المناكفات. ودعاهم إلى أن يكونوا إيجابيين ومسؤولين إزاء المخرج الصحيح لوضع البلد القائم، ونبه إلى أن الوضع في اليمن لا يحسد عليه، وطالب بالترفع والحكمة.
ولأن الطريق ما زال شاقا وطويلا أمام المتحاورين للتوصل إلى اتفاق على كيفية الانسحاب من المدن وتسليم الأسلحة وتشكيل حكومة جديدة، فإن مخاطر انهيار التسوية ستظل قائمة، وتحتاج إلى مزيد من الضغوط الدولية والإقليمية وتنازلات حقيقية، توازي حجم المآسي التي يعيشها اليمنيون.
* روسيا اليوم - محمد الأحمد
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط
https://telegram.me/alyompress
اقرأ ايضا :
اضف تعليقك على الفيس بوك