تحاول السعودية تحقيق أمنها الغذائي من خلال شراء الأراضي الزراعية في عدة مناطق من العالم وخاصة في إفريقيا، وهي تستهدف من ذلك أيضا وقف استنزاف مواردها المائية الشحيحة.
وتسعى السعودية إلى امتلاك أراض زراعية واسعة في عدة دول إفريقية وفي الأرجنتين وحتى في الولايات المتحدة، وذلك لإنتاج القمح والشعير والأرز والذرة وأعلاف الحيوانات وشحنها إلى البلاد بدلا عن استيرادها من المنتجين الدوليين.
ويعد هذا البلد ذو المناخ الصحراوي القاسي، بحسب إحدى الدراسات المتخصصة، أكبر مستثمر في المجال الزراعي في السودان باستحواذه على مساحات شاسعة تقدر بـنحو 500 ألف هكتار، وهي حصة تعادل ما يقارب نصف جميع الاستثمارات في هذا المجال.
وقدّر معهد أوكلاند مجموع الأراضي التي تم شراؤها أو استئجارها في القارة الإفريقية عام 2009 بنحو 60 مليون هكتار، وهو ما يعادل تقريبا مساحة فرنسا.
وتعد السودان وموزمبيق وإثيوبيا وليبيريا ونيجيريا ومالي وغانا ومدغشقر من بين أكثر البلدان الإفريقية البائعة أو المؤجرة للأراضي.
وذكر باحثون من جامعة لوند في السويد أن معظم دول العالم اشترت أو باعت أراضي اعتبارا من عام 2012، مشيرين إلى أن 126 دولة من بين 195 دولة عضو في الأمم المتحدة شاركوا في نشاطات من هذا القبيل.
ويتصدر قائمة الدول المشترية للأراضي الزراعية خارج حدودها، الصين والولايات المتحدة وبريطانيا، في حين تتصدر السعودية تليها الإمارات قائمة المستثمرين من منطقة الشرق الأوسط.
وكان هذا النشاط بدأ في الاتساع بشكل ملحوظ منذ عام 2008 وذلك بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية، بالإضافة إلى مؤشرات نقص الغذاء على المستوى العالمي والتحذيرات من استفحال هذه المشكلة مستقبلا لأسباب عديدة أهمها زيادة عدد السكان والتغيرات المناخية.
وكانت الرياض أعلنت في وقت سابق أنها حددت 27 دولة للاستثمار الزراعي بهدف تحقيق أمنها الغذائي، كما اتخذت إجراءات أخرى لحماية مواردها المائية الآيلة إلى النضوب من بينها، وقف زراعة الأعلاف الخضراء لمدة 3 سنوات، وتقليص زراعة القمح على أراضيها تدريجيا اعتبارا من العام الجاري وصولا إلى وقفها نهائيا، وبالمقابل تعهدت بتقديم مساعدات مالية للمستثمرين لشراء أراض زراعية في الخارج.
وكانت شركة "المراعي" السعودية وهي أكبر منتج للألبان ومشتقاتها في الشرق الأوسط قد اشترت واستأجرت أراض واسعة جنوب غرب الولايات المتحدة بولايتي أريزونا وكاليفورنيا عامي 2014 – 2016، وذلك بهدف استغلالها في زراعة الأعلاف وجلبها إلى البلاد لإطعام 170 ألف رأس من الأبقار.
يذكر أن دولة الإمارات العربية المتحدة تعد أحد أكبر مشتري الأراضي الزراعية الدولية، وذلك بغرض مواجهة ارتفاع أسعار السلع الغذائية التي تستورد منها ما نسبته 80% بسبب بيئتها الصحراوية القاحلة. ويسهم حصول الإمارات على السلع الغذائية الزراعية مباشرة من دون خدمات الوسطاء في خفض أسعارها بشكل ملموس.
ويمكن القول إن السعودية ودول الخليج الأخرى وخاصة الإمارات تسعى في المحصلة إلى مواجهة المتغيرات المستقبلية في مجال الأمن الغذائي، وذلك من خلال أسلوب مباشر لا يتميز بجدواه الاقتصادية فحسب، بل ويحقق قدرا من الاستقلال ويمنح هامشا هاما للحركة في مواجهة أي أزمات غذائية مستقبلية من أي نوع.
هذا، على الرغم من أن إنتاج الغذاء في إفريقيا لا يخلو أيضا من المخاطر بسبب عدم الاستقرار السياسي في دول القارة، وانخفاض إنتاجية العمل، وسوء البنية التحتية وانتشار الأوبئة والأمراض في عدد من مناطق القارة.
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط
https://telegram.me/alyompress
اقرأ ايضا :
اضف تعليقك على الفيس بوك