إنَّ الديمقراطية الحقيقية ترتكز على مبادئ عديدة , من أهمها : مبدأ تداولها السلطة وتناوبها سلمياً, عبر مفهومَّي الأغلبية والأقلية.
حيثُ إنَّ من حق (الأغلبية) ؛ التي حصلت على أكثرية الأصوات , في انتخاباتٍ , حرةٍ , ودوريةٍ , ونزيهة أن (تحكم ).
ومن حق (الأقلية) ؛ التي تضم الأحزاب الحائزة على أقل الأصوات أن (تعارض), وحينئذٍ تقوم كـ(حكومة ظل), بمهمة مراقبة الحكومة القائمة ونقدها.
بل إن من حق المعارضة أن تكون بديلاً محتملاً للحكم ؛ إذا حصلت على (أغلبية) الأصوات في انتخاباتٍ قادمة , وبالتالي تنتقلُ الأغلبيةُ السابقة , إلى معارضةٍ, وفقاً لمفهوم (تبادل الأدوار ) , في الديمقراطية الليبرالية الغربية.
فمثلاً , اليوم أكون حاكماً إذا حصلت على أكثر الأصوات , وغداً أنتقل إلى المعارضة ؛ إذا فقدت الأغلبية. وهكذا دواليك.
أما الخصوصية اليمنية , في هذا الصدد , فقد زودتنا بما يمكن تسميته بمفهوم ( المعارضة الحاكمة ) !
فبعد أن كنا نقول (قبل الثورة), سيظل (الحاكمُ) حاكماً , و(المعارضُ) معارضاً ؛ جراء غياب تداول السلطة واستمرار تمديدها , وتملكها !
ها نحن , اليوم , وعقب (الثورة) , وانتصار شرعية التوافق , نجد أنَّ المتوافقين (بل المتقاسمين) : (المؤتمر وحلفاؤه) و(المشترك وشركاؤه) , مازالوا مشبعين بثقافة العصمةِ السياسية, والتملُك ِالسياسي ! ومولعين بثقافةِ الهروب من تحمل مسؤولية الفشل , وإزاحة المسؤولية عن الذات !
يبدو أن ثمة أسباب عديدة وراء هذا المفهوم (غير السوي سياسياً) ؛ والمتمثل في أن يتقمص (الحاكمون) فعلاً, المتصارعون واقعاً , دور ما يمكن وسمه بـ(المتبرئ سياسياً), و(المتخفي حزبياً) ؛ بحيثُ يحكمون ويعارضون في آنٍ واحد !
نعم , إن الإشكالية , وفقاً لاستنتاجاتنا السابقة , تتمثل في أن الديمقراطية في اليمن ليبرالية الآليات والوسائل , ويمنية الثقافة والقيم.
حيثُ اكتفى اليمنيون باستيراد المبنى الديمقراطي الليبرالي الغربي , بينما بقي المعنى يمني الثقافة , والفعل , والجوهر !
إنّ مفهوم ( المعارضة الحاكمة ) وليدٌ لخصوصيةٍ يمانيةٍ , ولكنها خصوصيةٌ مُثقلةٌ بـ(التحايل اليماني) , مُفرِطةٌ بـ( الحكمة اليمانية ). وهنا , تكمن المعضلة !!
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط
https://telegram.me/alyompress
اقرأ ايضا :
اضف تعليقك على الفيس بوك