أعلنت الخارجية الجزائرية، اليوم ، أن "الحكومة الجزائرية تأسف لاضطرارها إلى تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل واستدعاء سفيريها في مالي والنيجر للتشاور، وتأجيل تولي سفيرها الجديد في بوركينا فاسو مهامه"، بعدما استدعت الحكومة المالية، أمس السفير الجزائري في باماكو، احتجاجاً على إسقاط الجيش الجزائري طائرة مسيّرة مسلحة في منطقة تين زواتين الأسبوع الماضي، فيما قررت النيجر وبوركينا فاسو، استدعاء سفيريهما في الجزائر للتشاور.
وعبرت الخارجية الجزائرية، في بيان، عن "أسفها الشديد للانحياز غير المدروس لكل من النيجر وبوركينا فاسو للحجج الواهية التي ساقتها مالي، كما تأسف أيضاً للغة المشينة وغير المبررة التي استعملت ضد الجزائر والتي تدينها وترفضها بأشد العبارات".
الجزائر تغلق مجالها الجوي مع مالي
وفي خطوة لاحقة، أعلنت السلطات الجزائرية إغلاق المجال الجوي أمام حركة الطيران القادم من دولة مالي. وأفاد بيان لوزارة الدفاع الجزائرية أنه "نظراً للاختراق المتكرر من طرف دولة مالي لمجالنا الجوي، قررت الحكومة الجزائرية غلق هذا الأخير في وجه الملاحة الجوية الآتية من دولة مالي أو المتوجهة إليها"، مضيفاً أن "القرار يدخل حيّز التنفيذ ابتداءً من اليوم".
وقدمت السلطات الجزائرية توضيحات بشأن حادثة إسقاط المسيّرة، وشددت على أن "قيام قوات الدفاع الجوي عن الإقليم بإسقاط الطائرة المالية بدون طيار كان محل إعلان رسمي من قبل وزارة الدفاع الجزائرية دون أي تستر". وأضافت أن "جميع البيانات المتعلقة بهذا الحادث متوفرة في قاعدة بيانات وزارة الدفاع الوطني الجزائرية، ولا سيما صور الرادار التي تثبت بوضوح انتهاك المجال الجوي الجزائري، مسافة 1.6 كم بالتحديد في الدقيقة الثامنة بعد منتصف الليل، حيث اخترقت الطائرة بدون طيار المجال الجوي الجزائري، ثم خرجت قبل أن تعود إليه في مسار هجومي".
وأوضحت السلطات الجزائرية أنه بعد ابتعاد الطائرة "ثم عودتها الهجومية، تم تكييفه كمناورة عدائية صريحة ومباشرة. وبناءً عليه أمرت قيادة قوات الدفاع الجوي عن الإقليم الجزائرية بإسقاطها". وكشفت أن "انتهاك المجال الجوي الجزائري من قبل طائرة مالية بدون طيار ليس الأول من نوعه، فقد سُجلت ما لا يقل عن حالتين مُماثلتين في غضون الأشهر القليلة الماضية"، مضيفة أن "وزارة الدفاع الوطني تحوز على البيانات كافة التي توثق هذين الانتهاكين".
في المقابل، قالت الحكومة المالية، في بيان أمس، إن الطائرة المسيّرة كانت ترصد اجتماعاً لمسلحين قبل إسقاطها من قبل الجيش الجزائري، مشيراً إلى أن السلطات المالية طلبت من نظيرتها "تزويدها بأدلة تدعم انتهاك طائرة استطلاع مالية بدون طيار مجالها الجوي. ولم يجر الرد بشكل مرضٍ على الطلب المالي منذ 72 ساعة"، واصفة الحادثة بأنها "غير مسبوقة في تاريخ العلاقات بين مالي والجزائر".
ورداً على اتهامات بماكو للجزائر برعاية الإرهاب، ذكرت الخارجية الجزائرية أن "مزاعم الحكومة المالية لا تستدعي الالتفات إليها أو الرد عليها. فمصداقية الجزائر والتزامها وعزمها على مكافحة الإرهاب ليسوا بحاجة إلى أي تبرير أو دليل". وهاجم البيان الحكومة الانتقالية المالية، معتبراً أنها "تجعل من بلدنا كبش فداء للنكسات والإخفاقات"، عبر توجيه "اتهامات خطيرة إلى الجزائر، وادعاءات باطلة لصرف الأنظار عن الفشل الذريع للمشروع الانقلابي الذي أدخل مالي في دوامة من اللاأمن واللااستقرار".
وهذه ليست المرة الأولى التي توجه فيها بماكو اتهامات إلى الجزائر بشأن دعم الإرهاب، في إشارة إلى حركات الأزواد المسلحة التي تتمركز في شمال مالي، والمشاركة في اتفاق الجزائر للسلام الموقع بين الحكومة المالية وهذه الحركات في مايو/أيار 2015، حيث رد وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف في سبتمبر/أيلول الماضي في الأمم المتحدة، على اتهامات مماثلة، ووصفها بـ"الوضيعة".
وكانت أزمة دبلوماسية حادة قد تفجرت بين الجزائر وباماكو منذ الانقلاب العسكري في مايو/ أيار 2021، خاصة بعد استقبال وإقامة الشيخ ديكو، أبرز المعارضين السياسيين وأهم المرجعيات الدينية المالية، في الجزائر. وزادت الأزمة تفاقماً بعد إعلان باماكو، في ديسمبر/ كانون الأول 2023، إلغاء العمل باتفاق السلام الموقع في 2015 بين حكومة باماكو وحركات الأزواد، وإطلاقها مسار حوار داخلي استبعدت منه كل الحركات الأزوادية الممثلة للطوارق في الشمال، ووصفتهم بالإرهاب، مما أدى إلى دخول البلدين في مرحلة من التصريحات المتشنجة.
وتأتي هذه التطورات معاكسةً للرغبة في إصلاح الضرر السياسي الذي أصاب العلاقات بين الجزائر وباماكو، وهي رغبة عبّر عنها السفير المالي الجديد في الجزائر، الذي كان قد التقى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون قبل أسبوع، حيث قال: "في إطار مهمتي، أود أن أبذل كل الجهود لتعزيز التعاون والعلاقات الأخوية والودية التي تربط مالي بالجزائر"، موضحاً أن "مالي والجزائر دولتان شقيقتان، يجمعهما التاريخ والجغرافيا، علاوة على الروابط العريقة والمصير المشترك في مجالات السلم والأمن والتنمية، وضرورة العمل سوياً من أجل تجاوز التحديات المشتركة".
وفي السياق نفسه، من المحتمل أن يعرقل الموقف الذي اتخذته النيجر في إطار تحالفها مع مالي وبوركينا فاسو ضمن "اتحاد دول الساحل"، خطوات تعاون سياسي واقتصادي وحزمة مشاريع مشتركة كانت محل تفاهمات بين الجزائر ونيامي قبل فترة، بما فيها مشاريع تخص الطاقة والصناعة النفطية، وبعض مشاريع التنمية كالكهرباء والصحة والتكوين.
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط
https://telegram.me/alyompress
اقرأ ايضا :
اضف تعليقك على الفيس بوك