ضمن مشروع الصين الطموح لإحياء طريق الحرير، تم رسم خط بري يمر بـ العراق وخط بحري يمر بمضيق باب المندب عند سواحل اليمن ثم عبور قناة السويس المصرية.
غير أن حضور العرب في القمة الصينية الأخيرة لإطلاق المشروع لم يعكس مشاركة فاعلة في هذه الرؤية الصينية التي ينظر إليها بعض المتشككين باعتبارها مشروعا للهيمنة، ويراها بعض الاقتصاديين طموحا غير واقعي.
ومشروع طريق الحرير الجديد -الذي تقدر تكلفته بتريليون دولار- جزء من مبادرة "حزام واحد، طريق واحد" التي أطلقها الرئيس الصيني شي جين بينغ عام 2013 وأصبحت تشكل المحرك الرئيسي لسياسة البلاد الخارجية.
وقد عقدت بكين هذا الأسبوع قمة -بمشاركة 29 زعيما ومئات المؤسسات المالية والمنظمات الدولية- لإعلان تفاصيل هذه الرؤية باعتبارها حقبة جديدة من التجارة والتنمية. ودعت الصين دول العالم للمشاركة في رؤيتها بغض النظر عن موقعها الجغرافي داخل المشروع أو خارجه.
ووقعت الصين خلال القمة على اتفاقيات مشتركة مع 68 دولة في مجالات مختلفة، وتعهدت بتقديم 124 مليار دولار دعما لتنفيذ مشاريع المبادرة، تضاف إلى أربعين مليارا كانت قد خصصت في وقت سابق لصندوق طريق الحرير، بالإضافة إلى مشاركة البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية بميزانية بلغت مئة مليار بمساهمة سبعين عضوا.
الحضور العربي
وبالرغم من الأهمية التي توليها الصين للعالم العربي باعتباره أحد أهم الأسواق الاستهلاكية لبضائعها، فضلا عن موقعه الإستراتيجي كجسر حيوي بين الشرق والغرب على طريق المبادرة، فإن حضور ومستوى تمثيل الدول العربية الرئيسية في القمة كان أقل من المتوقع.
ومثّل مصر في القمة وزير التجارة والصناعة ووزيرة الاستثمار. وتعد قناة السويس المصرية نقطة محورية على طريق الحرير البحري الجديد ضمن المخطط الصيني.
وكانت السعودية -التي يمر الطريق قبالة ساحلها على البحر الأحمر- من أوائل الدول التي أعلنت دعمها للمبادرة، وأبدت رغبتها في دمجها مع رؤية 2030 التي أطلقها الملك سلمان بن عبد العزيز العام الماضي. وقد مثل المملكة في القمة الصينية وزير المالية ووزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية.
أزمات وتحديات
يرى الباحث بمعهد شينخوا للدراسات السياسية لياو مينغ أن ما تمر به المنطقة العربية من أزمات وصراعات وتوترات أمنية حال دون مشاركة فعالة من الدول العربية الرئيسية في مبادرة الحزام والطريق الحديثة، على خلاف ما كان عليه دور التجار والقبائل العربية في طريق الحرير القديم الذي كان يربط الصين بالعالم قبل ثلاثة آلاف عام.
وقال مينغ -في حديثه للجزيرة نت- إن أهم الممرات الاقتصادية الستة لطريق الحرير التي تربط المبادرة بمنتهاها الأوروبي هو "ممر الصين آسيا الوسطى غرب آسيا" الذي يمر بحرا بقناة السويس، وبرا بشمال العراق.
وأوضح أن هذا الممر يشكل تحديا كبيرا للصين في ظل الاضطرابات التي يشهدها الشرق الأوسط، والمشاكل والأزمات الاقتصادية التي تعاني منها دول المنطقة.
وتشمل مبادرة الصين طريقا بحريا وموانئ جديدة وسككا حديدية وخطوط أنابيب للنفط والغاز.
المشاريع والدعاية
من جهة أخرى، قال الخبير الاقتصادي فراس عمر إن الحديث عن مشاريع خاصة بمبادرة الحزام والطريق غير واقعي.
وعلل ذلك بأن المبادرة ما زالت في إطارها النظري، وأن كافة المشاريع المشتركة مع الصين التي تم الإعلان عنها تم الاتفاق عليها قبل إطلاق المبادرة وعملت الصين على إدراجها ضمن حزمة مشاريع الحزام والطريق في إطار التسويق لمبادرة الرئيس الصيني.
وأكد عمر أن دولا عربية كثيرة أعلنت تأييدها للمبادرة دون أن تعرف ماهيتها ونطاقها والمحطات التي تمر بها، مشيرا إلى أن مخطط الحزام والطريق لا يمر سوى بدولتين عربيتين هما مصر والعراق.
يُشار إلى أن الصين تسعى من خلال طرح وتسويق مبادرتها إلى تصدير نموذجها التنموي، غير أن باحثين يرون أن هذا النموذج لا يزال في إطاره التجريبي.
ويقول هؤلاء إن من المبكر الحكم إن كان النموذج الصيني ناجحا ويمكن الاحتذاء به، في ظل ما يشهده من مشاكل وأزمات، سواء على صعيد تراجع الأداء الاقتصادي، أو على صعيد استشراء الفساد في الدولة، فضلا عن غياب العدالة الاجتماعية، وتنامي الفجوة بين الفقراء والأغنياء داخل المجتمع الصيني الذي يعاني أيضا بسبب هذا النموذج من تأثيرات بيئية مدمرة.
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط
https://telegram.me/alyompress
اقرأ ايضا :
اضف تعليقك على الفيس بوك