طرح وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس أفكارًا جديدة لإنهاء الحرب في اليمن التي يشنها التحالف السعودي الإماراتي، في وقت تتسع فيه دائرة الرفض الدولي لتصاعد سقوط ضحايا مدنيين، بينهم أطفال، جراء الغارات الجوية للتحالف، وفي ظل تصاعد الضغوط الدولية على السعودية على خلفية مقتل الصحفي جمال خاشقجي.
وقال ماتيس -في مداخلته خلال مؤتمر الأمن المنعقد في المنامة- إن وقف الحرب في اليمن يعتمد على إيجاد مناطق منزوعة السلاح ونزع الأسلحة الثقيلة، ويقصد بذلك الصواريخ الباليستية التي يطلقها الحوثيون نحو المملكة.
دعا الوزير الأميركي جماعة الحوثيين للتعاون مع المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث لما فيه مصلحتها، مشيرا إلى أن الحوثيين سيحصلون على منطقة حكم ذاتي "حتى يمكنهم التآزر وإسماع صوتهم للعالم وعندها لن يكونوا بحاجة لإيران".
رؤية جديدة
ويرى مراقبون أن ما قدمه ماتيس من نقاط قد يدفع باتجاه وقف الحرب، لكنه يلبي رغبات الحوثيين المسيطرين على العاصمة صنعاء والعدد الأكبر من محافظات البلاد منذ سبتمبر/أيلول 2014 عقب انقلابهم المسلح على حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي.
ورغم أن رؤية ماتيس تقسّم اليمن بين أطراف عدة، فإنها تحصن السعودية من صواريخ الحوثيين التي وصلت إلى 200 صاروخ نجم عنها 112 قتيلا، وفق إحصائيات للمتحدث باسم التحالف العقيد تركي المالكي في وقت سابق.
وتدعم الأوضاع على الأرض بعد أربعة أعوام من الحرب رؤية ماتيس، فقوات الرئيس عبد ربه منصور هادي أوقفت تقدمها باتجاه صنعاء، وهدأت المعارك على مشارف الحديدة (غربي البلاد) منذ يونيو/حزيران الماضي، بينما هدأت الاشتباكات في تعز واكتفى كل طرف بالسيطرة على مناطقه.
المكسب الأكبر يعود للإمارات التي بسطت سيطرتها الفعلية على الشريط الساحلي والموانئ والمحافظات النفطية الجنوبية، في حين أن الخاسر الأبرز هو الرئيس هادي ووزراء حكومته الذين يقيمون في منفاهم بالرياض.
لكن مسؤولا في الخارجية الأميركية قال إن موقف الولايات المتحدة من الأزمة اليمنية لم يتغير.
وأوضح في حديث للجزيرة نت "ما زلنا ندعم جهود المبعوث الأممي لتجديد محادثات السلام وإيجاد حل سياسي في اليمن، في الوقت الذي يطيل فيه النظام الإيراني ويدعم ويوسّع النزاع في اليمن".
وأضاف "يستمر الحوثيون في إطلاق صواريخ باليستية مستوردة من إيران على الأراضي السيادية السعودية، ومن حق الرياض الدفاع عن نفسها".
مخرج جديد
لكن ما يدور في الكواليس هو إعادة إحياء لمبادرة وزير الخارجية الأميركي الأسبق جون كيري، التي قدمها في 2016، حسبما قال مصدر في الخارجية اليمنية للجزيرة نت.
"
تتضمن مبادرة "كيري" ثلاثة بنود رئيسية هي: تشكيل حكومة وحدة وطنية، وانسحاب المسلحين من المدن والمؤسسات، وتسليم السلاح الثقيل لطرف ثالث.
"
وتتضمن مبادرة "كيري" ثلاثة بنود رئيسية، وهي تشكيل حكومة وحدة وطنية، وانسحاب المسلحين من المدن والمؤسسات، وتسليم السلاح الثقيل لطرف ثالث.
وتقضي بنود المبادرة بأن يعيّن هادي نائبا له باتفاق الأطراف اليمنية، ومن ثم يخوله كامل صلاحياته الدستورية، مع بدء سريان وقف شامل لإطلاق النار في كل أنحاء البلاد، وتشكيل حكومة وحدة وطنية من جميع الأطراف.
لكن المصدر الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، حذر من إعادة إحياء مبادرة "كيري"، وقال "نتمسك بالمرجعيات الثلاث المتضمنة المبادرة الخليجية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني وقرار مجلس الأمن 2216، للتوصل إلى سلام مستدام".
غير أن مصدرا في مكتب المبعوث الأممي يقول إن مطالب الحكومة غير ممكنة، في ظل سعي الأطراف الإقليمية للدفع إلى لتوصل لحل وسط، ويعني بذلك السعودية، مضيفاً أن "المبعوث الأممي يحمل أفكاراً أولية لتقارب الأطراف".
وقال وزير الشؤون الخارجية العمانية يوسف بن علوي في حديث سابق للجزيرة إن بلاده تيّسر مساعي التوصل لاتفاق بين الأطراف اليمنية، معلناً دعم السلطنة لجهود المبعوث الأممي.
مرجعية "كيري"
ويرى رئيس مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية فارع المسلمي أن واشنطن أكثر جدية في هذه اللحظة من أي وقت سابق لإنهاء حرب اليمن، رغم أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يرى في اليمن معركته لكسر إيران، ولا يزال مقتنعا بذلك بصورة جدية.
لكن المسلمي -وهو أيضاً زميل غير مقيم في المعهد الملكي للشؤون الدولية تشاتام هاوس في لندن- يقول للجزيرة نت إن الضغوط الدولية على السعودية بعد مقتل خاشقجي كبيرة وغير مسبوقة، وهي تحاول أن تخفف من هذا العبء بإنهاء الحرب في اليمن.
وأضاف أن عُمان لها دور في ذلك ضمن دورها الكبير في المنطقة، بالتنسيق مع بريطانيا وأميركا.
ويشير إلى أن شكل الحل سيكون ضمن إطار مبادرة كيري، وإن اختلفت التفاصيل، و"في كل الأحوال ستمارس مسقط وعمان ضغوطهما على الأطراف اليمنية التي لا تمتلك أي قرار، وستوافق على ذلك".
المصدر : الجزيرة نت