المعركة ضارية في عمران الليلة، يقول صديقي العزيز الذي يسكن في قلب المدينة.
هو يرجح أن معركة الليلة ربما تحسم أمر عمران، إما تابعة لسلطة الأمر الواقع في صعدة، أو أن تكون تابعة لنظام صنعاء (على أنهما غير متصارعين بشكل رسمي وملعن من سلطاتهم العليا).
ستضم لدولة صعدة بالتأكيد، هذا ما اراه، وقريباً، سيتكرر المشهد في صنعاء أو ذمار او محافظة أخرى، طالما قبلت الدولة بدور الوسيط بين الميليشيات المسلحة، واكتفت بتشكيل لجان رئاسية، وابرام هدن مؤقتة، دون ان تمارس دورها كدولة تفرض سلطتها على مختلف اطراف النزاع بنزاهة وحياد، وتوقف من يتجرأ عند حده أياً كان.
ما يجري في الشمال واستمراره على ذات الوتيرة سيترتب عليه متغيرات مرعبة لا ترد في حسابات المتصارعين القتلة المقتولين هناك، ورجال الدولة الرديئة والمراقبين الجبناء هنا.
لن ينعم الحوثي بانتصار وان احكم الطوق على اقليم ازال والتهم تهامة، أو غيره، كذلك لن يكون بوسع المتحمسين بنذالة لتلك المتغيرات باعتبارها السبيل الأمثل لتقرير استقلال الجنوب، وبعيداً عن أي حسابات محلية وخارجية، كأمر واقع، فرضته متغيرات الشمال المتصارع على بعضه طائفياً.
ثمة أطراف أخرى سيكون لها كلمة مغايرة، تخلط كل الأوراق..
في ظل تلك المتغيرات سيكون بإمكان انصار الشريعة في اليمن ان يؤلبوا كل الساخطين من الحوثيين والدولة، والأحزاب تحت سقف جماعة مسلحة تقتفي نموذج داعش في الشام.. وستتحدث الجماعة الأوسع من انصار الشريعة أو القاعدة، باعتبارها تقاتل باسم اهل السنة وتدافع عنهم.
ستقتل وتفجر بلا حساب، ولن تبالي حينها بالمدنيين ولن تعتذر كما فعلت في مجمع الدفاع، فالجميع سيكونون برأيها روافضاً وصفويين وقتلهم قربة إلى الله، بما في ذلك المدنيين الخاضعين لسلطة الأمر الواقع، باعتبارهم راضون بتلك السلطة.
بطبعية الحال، الأمر له خصوصية في حالة صعدة لوحدها طيلة الفترة الماضية، فعلى أنها غير ذات أهمية للخصوم الجهاديين الآخرين، إلا أن عدداً من الانتحاريين اخترقوا قدرات مجاهدي جماعة الحوثي ونفذوا عمليات انتحارية استهدفت تجمعات لموالين لهم في أماكن مختلفة، وعزت الجماعة الأمر للاستخبارات الامريكية والاسرائيلية، في تبرير ساذج يبعث على السخرية، خصوصاً أن يأتي بعد دقائق على الهجمات.
لكن صنعاء ليست صعدة، وهذا ما ينبغي أن يدركه المتحاذقون الذين يتباهون بقدرة مجاهدي جماعة الحوثي على ضبط الأمن في صعدة.
وبالنسبة للجنوب، فلن يكون أحسن حالاً من الشمال، فـ"داعش" اليمن تعنيها الجغرافيا الواسعة مترامية الأطراف أهمية بالغة، ولن تتركها لأي جماعة أخرى تحكم، ولن يكون نظام صنعاء حينها هو المصدر للعنف والارهاب للجنوب.. الجماعات الارهابية لا تضع حساباً للحدود بالمطلق، ما يهمها هو الدويلة، ودولتها حيث انتهى نفوذها والتقت تشكيلاتها.
هل يحضر هذا السيناريو في ذهون الأقوياء والضعفاء والسياسيين، والنافذين وصناع القرار والمؤثرين..
أظن أم أن من يضحي برجاله بهتافيه بمواطنيه ويسوقهم إلى الموت، أو لا يفعل شيئاً لحقن دمائهم، لا يفكر بغير نفسه وتنفيذ أجندته، ويرى كل السيناريوهات الأخرى الواردة بقوة مجرد وهم وخيال.
أما اصدقاءنا الرعاة، فسيتكفلون بحماية ما يمس مصالحهم مباشرة، سيهتمون بالمياه الاقليمية والمصالح النفطية في شبوة وحضرموت لا اكثر، ولجم الخطر عند مستوى حدود الداخل، ولتذهب بقية البلاد إلى الجحيم.
المشروع الوطني القائم على الشراكة وانتاج الخيارات السياسية هي الحلول الوحيدة والمتاحة للجميع، سواء في شمال الشمال او في العاصمة أو حتى فيما يتعلق بحلول الجنوب بما فيها خيار الانفصال، إذ هي الكفيلة بحفظ وتماسك النسيج الاجتماعي، والالتفاف ضد الأخطار الأخرى الوحشية، التي تمهد لحرب أهلية.
بفرض خيارات بالقوة أو بحكم الأمر الواقع فذلك يعني ان البلاد تمضي بخطى حثيثة نحو سلطة المالكي وخطر داعش، الذي لن يكون بعيداً عن كردستان اليمنية أيضاً .
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط
https://telegram.me/alyompress
اقرأ ايضا :
اضف تعليقك على الفيس بوك