الخلافة التي ادعاها البغدادي تقويض لفكرة الشعب من اصولها مثلها مثل فكرة الامامة فكلا الفكرتان تعيد مركزية الفرد في قلب العملية السياسية كسيد وحيد للسلطة فمنه تصدر التوجيهات واليه يعود امر تبريرها.
من أجل دين الفرقة يتم تنصيب الفرد حارسا وضامنا لبقائه، وطبعا في مواجهة الفرق الأخرى والحقيقة ان ظاهرة الفرد المكرس لحفظ الدين يقوم بتمزيق الدين ليبقى الحاكم في السلطة فهو لا يثبت إلا بقدر ما تنتشر التمايزات المذهبية وما تفرضه من صراعات ليصبح الملاذ الوحيد لطائفته مما يفقدنا الدين الذي خاطب العالمين فيما لا يبقي من السياسة شيئا فمصالح الناس توزع بحسب الولاء المذهبي وحرياتهم قد حجبت حين قبلوا الانخراط بالفرز مذهبيا.
انه السلطان الذي لا ينشأ إلا نتيجة للكفر بالإنسان حقوقه وحرياته وتحويله الى جيش من الاتباع وهنا تلغي السياسة ولا يستمر إلا بتفريغ الدين من اصوله الجامعة وتحويله لمجموعة من العشائر وهو ما يهدد الدين نفسه.
نحتاج للولاية التي تبقينا شعوب تسود نفسها وتتعامل معنا كبشر مكرمين وهذا مرهون بقدرتنا تثبيت فكرة السيادة للشعب.
لو استطاع أياً كان أن يصل الى السلطة او الثبات فيها دون الحصول على موافقة الشعب فهذا يعني ان السيادة قد انتزعت من هذا الأخير ووضعت في يد من قام بتثبت نفسه حاكما وبالاستناد الى ارادته باعتبارها مصدر الشرعية.
سيادة الشعب ليست شعار بل واقع يتجلى في طريقة وصول الحكام الى السلطة وطبيعة الممارسات الصادرة وهو امر متصل بوجود دولة تلزم الجميع بخط الحصول على امتياز ممارسة السلطة وترفض ان يمارس الحاكم السلطة كما لو انه مالكها.
المذهب يفرض حاكما يحتمي من سؤال الناس او اعتراضهم بسلطة الولاية التي توجب طاعة الحاكم دون اعتراض فهو أحد تجلياتها والسلطة التي تقوم بتثبيته هي سلطة القوة ومن اراد الاعتراض عليه فعليه ان يكون اهلا لمخاطبة الامام الغائب او ممثليه الزمنين ومن فئة واحدة من الناس فقط.
الشعب يفرض حاكما لا يستطيع الفرار من مسؤوليته فالناس بإمكانهم العودة للمصدر الذي ولاه وهو الشعب في أي وقت كما ان الانتخابات تبقى سيف الشعب المسلط على الحكام يمنع استبدادهم.
نحتاج لشعب لا مهدي، ولولاية الدولة لا ولاية الفرد، وللانتخابات لا الحرب. وهذه هي قضية اليمنيين وعنوان نضالهم وأول ما يجب فعله هو انتزاع السلاح الذي يسبب هوس الزعامات من خارج الدولة.
صحيح ان المهمة صعبة إلا ان الوصول مؤكد. فقد عاشت أوربا قرون تردد فكرة الشعب الى ان انتجت اخيرا مؤسسة الدولة الملتزمة بسيادته.
من صفحة الكاتب على الفيس بوك
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط
https://telegram.me/alyompress
اقرأ ايضا :
اضف تعليقك على الفيس بوك