يبدو أن خطاب عبد الملك الحوثي، زعيم الحوثيين، يوم الأحد الماضي، وحديثه عن اتخاذ تدابير "مزعجة" ضد الحكومة ، أزعج المجتمع الدولي وزاد من مخاوفه على سير العملية السياسية برمتها في اليمن، ما جعل سفراء الدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية في اليمن، يصفونه بأنه "مناهض للعملية الانتقالية ويمس هيبة الحكومة الشرعية".
مسؤول عسكري كشف عن توجيه الرئيس هادي، أمس الاثنين، لقيادات في الجيش وأخرى في الأمن، بالاستعداد لمواجهة الحوثيين، إذا ما صعدوا احتجاجاتهم داخل العاصمة وفي المداخل.
ووصف المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، في تصريح نشره موقع «العربي الجديد»، هذه التوجيهات بأنها لا ترقى إلى حجم التهديد للعاصمة ومؤسسات الدولة فيها، والذي يتطلب «استنفاراً شاملاً للدولة وأجهزتها العسكرية والأمنية والإعلامية”. ولم يستبعد أن تؤدي التحركات المتسارعة والاعتصامات المسلحة قرب مواقع عسكرية إلى “انفجار المواجهات في أية لحظة».
إسقاط صنعاء
وتعد هذه هي المرة الأولى التي يوجّه فيها سفراء الدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية لدى صنعاء، رسالة مباشرة إلى زعيم جماعة الحوثيين المسلحة، لإبلاغه بقلق دولهم من تصريحاته الأخيرة بشأن إسقاط حكومة صنعاء.
والمبادرة الخليجية قدمتها كل من السعودية والإمارات والكويت والبحرين وسلطنة عمان عام 2011 وتنحى بموجبها الرئيس السابق على عبد الله صالح عن الحكم بموجب حصانة قضائية حمته من الملاحقة القضائية، عقب احتجاجات شعبية ضد نظامه.
وكانت مصادر مطلعة تحدثت عن انزعاج الرئيس عبد ربه منصور هادي من مماطلة الحوثيين فيما يخص وقف إطلاق النار في محافظة الجوف، وهو ما ظهر خلال الاجتماع الاستثنائي الذي عقده هادي، اليوم الثلاثاء، مع مستشاريه، وصف خلاله تصرفات الحوثيين بـ"الطائشة"، وتوعد بإجراءات حازمة تجاهها، معتبراً تلك التصرفات "غير مقبولة لا وطنيا ولا سياسيا وعلى الجميع الاستشعار بالمسؤولية الوطنية تجاه هذا الطيشان غير المسؤول".
ويرى مراقبون أن تحركات الحوثي الأخيرة باتجاه العاصمة صنعاء، ومشاركة مسلحيه في تظاهرات جابت شوارع العاصمة، إضافة لاستحداثه نقاط ومخيمات للمسلحين على تخوم العاصمة صنعاء، استفزَّ الرئيس وحكومته ورعاة العملية الانتقالية، ما جعلهم يعبرون صراحة عن قلقهم البالغ تجاه تصرفات الحوثيين، واستغلالهم لغضب الناس جراء قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية.
وبات من الواضح أن مساعي الإدارة اليمنية، والإقليم، والمجتمع الدولي باءت بالفشل لجهة إقناع جماعة الحوثيين بترك السلاح والانخراط في العمل السياسي، بل إن الحوثيين كانوا يستغلون أي تنازلات تُقدم لهم في سبيل تمكينهم من أن يكونوا جزءاً من العملية الانتقالية، لمزيد من فرض تواجدهم بقوة السلاح، كما حدث في عمران شمال البلاد.
ومع اقتراب نهاية المهلة التي منحها زعيم جماعة الحوثيين المسلحة للحكومة ، والتي تنتهي يوم الجمعة المقبل، يزداد منسوب القلق والخوف لدى الناس من اندلاع مواجهات مسلحة بين القوات الحكومية وجماعة الحوثيين، ومعها ستدخل البلاد في فصل من العنف ليس بمقدور أحد التنبؤ بنتائجه.
قوة السلاح
وأبدى محللون تخوفهم من أن يُصر الحوثي على التصعيد، فيصل الأمر إلى مرحلة الانفلات، خاصةً في العاصمة صنعاء، وستفرض قوة السلاح نفسها حينئذٍ.
لكن في المقابل، يفترض أن يكون لدى الرئيس أجهزة أمن ومخابرات تعمل على تقدير الموقف في هذه اللحظة الحاسمة، وربما يصل الحال به إلى إعلان حالة طوارئ يحسم معها الجيش النظامي عسكرياً الأمور على الأرض.
وقال المحلل السياسي اليمني عارف أبو حاتم، إن "القدرة المسلحة لدى الحوثي إصابته بموجة من الغرور، ووضعته في مواجهة مع الدولة اليمنية والمجتمع اليمني والعالم بأسره".
وأضاف، أنه "لهذا كان بيان سفراء الدول العشر واضحاً، ولفت انتباه الحوثي إلى قرارات مجلس الأمن المتعلقة بفرض عقوبات على الأطراف المعرقلة للتسوية السياسية".
وأضاف أبو حاتم لوكالة الأناضول، أنه "في اعتقادي أن أي تصعيد ستقدم عليه جماعة الحوثيين المسلحة سيواجه بقمع وقوة من قبل السلطات، وحديث هادي مع مستشاريه كان قوياً بخصوص اتخاذ إجراءات حازمة تجاه من يهدد أمن واستقرار اليمن".
ومضى قائلا: "لا يمكن أن يردع غرور القوة المسلحة لدى الحوثي إلا وجود تصالح حقيقي بين القوى اليمنية بما فيها الرئيس السابق علي عبد الله صالح، واللقاء المشترك (يضم أحزاب معارضة لصالح) واللواء علي محسن (عسكري سابق والمستشار الحالي للرئيس)، والرئيس الحالي عبدربه منصور هادي".
ومجمل القول، إن هناك حاجة ملحّة لإجماع شعبي، ومصالحة وطنية شاملة تضم كل القوى اليمنية، وربما تشهد الأيام القليلة القادمة تطورات متسارعة، قد تتمثل في لقاء وطني عاجل يضم كل الفعاليات الحزبية والسياسية ومنظمات المجتمع المدني والشباب والمرأة والعلماء والشخصيات الاجتماعية اليمنية في العاصمة صنعاء، استجابةً لدعوة الرئيس هادي بشان هذا، من اجل تدارس الأوضاع الطارئة التي تهدد أمن واستقرار البلد، ووضع حد للتمرد على مخرجات الحوار الوطني الشامل.
ويوم الأحد الماضي دعا زعيم جماعة الحوثي الشيعية عبد الملك الحوثي، في خطاب متلفز بثته قناة "المسيرة" التابعة للجماعة، أنصاره، والذي دعا إلى الخروج اليوم الإثنين في مسيرات بالعاصمة ومدن أخرى للمطالبة بإسقاط الحكومة.
وأمهل الحوثي السلطة حتى يوم الجمعة المقبل لإقالة الحكومة، وإلا سيصّعد بـ "بخيارات أخرى" (لم يحددها)، متهما الحكومة بالفشل والكذب، ومطالبا بتنفيذ نتائج مؤتمر الحوار الوطني.
الصورة من الإرشيف
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط
https://telegram.me/alyompress
اقرأ ايضا :
اضف تعليقك على الفيس بوك