يبدو أن الطبقة السياسية مصرة على مواصلة نهجها القديم فيما يتعلق بالحصص السياسية في الحكومة ، وهو ما يراه كثير من اليمنيين سببا فيما آلت إليه البلاد من أزمة ، إذ من الواضح أن التشكيلة الحالية لا تنم عن حكومة إنقاذ ومواجهة الانقلاب ، بقدر ما هي حكومة غارقة في المحاصة .
والسؤال الذي يطرح نفسه : مالذي ينتظر اليمن بعد تشكيل الحكومة بهذه الكيفية ؟ وهل ستمضي اليمن إلى انفراج أم إلى مزيد من الأزمة ؟
رغم أن الكثير من المراقبين يبدون تشاؤما ، بشأن تشكيل الحكومة في ظل التدخلات الخارجية التي تحاول فرض مزيد من التعثر ، إلا أن البعض يطرحون بعض السيناريوهات التي تحمل بعض التفاؤل ، بعض النشطاء يحذرون من إصرار أطراف إقليمية على استخدام الحكومة لتفكيك الشرعية وتعطيل مؤسساتها ، بينما المتفائلون يرون أن التنسيق بين الإصلاح والمؤتمر بالإضافة إلى حصة الرئيس في الحقائب السيادية ستمكن الرئيس من الإمساك بعناصر القوة بيده وسيحبط أي نية لتفجير الحكومة من داخلها ، أو جعلها تصادم بعضها البعض .
هذا السيناريو يتوقف على التنسيق بين الإصلاح والمؤتمر واختيار عناصر قوية لا تساوم مستقبلا على الشرعية بمصالحها الخاصة ، من الواضح أن تشكيل الحكومة بهذه الطريقة هو إستدراج لعزل الرئيس تدريجيا وجعله يقف وحيدا في المستقبل ، ويعتبر هؤلاء أن الرئيس لديه العديد من الأسباب ليقاتل من أجل الحفاظ على شرعيته .
وفي سياق الحديث عن التوقعات بالتنسيق بين الإصلاح والمؤتمر ، يتحدث فريق المتفائلين ، عن احتمالات بتوافق الطرفين ، خلال الفترة المقبلة ، حتى لا يفسحان الطريق للقوى الإقليمية التي تتربص بهما وبمستقبل الشرعية التي تقف سدا منيعا أمام مصالحهم غير المشروعة في اليمن ، وأي استرخاء للإصلاح والمؤتمر سيجعلهما خارج الحسابات القادمة ، وسيفسح الطريق لنسخ تتطابق مع التوجه الإقليمي المعادي للشرعية .
من الواضح أن بعض التوجيهات الإقليمية لا تريد تشكيل حكومة في الوقت الحاضر ، لذلك فهي تقف وراء حلفائها المحسوبين عليها وتضع شروطا تعجيزية ، تريد من خلالها تأخير تشكيل الحكومة ، أو إضعاف عناصر القوة لدى الشرعية من خلال الدفع بالأحزاب إلى الذهاب منفردة ، مما يجعل كتلة الحلفاء هي الأكثرية التي تتحكم بمسار الحكومة .
ففي حالة تشكيل الحكومة دون تنسيق بين الإصلاح والمؤتمر ودون أن يكونا خلف الرئيس ، أو الاعتماد على عناصر لا تملك إلا نفسها ، فإن ذلك سيشجع حلفاء الإقليم على تفجير المواقف داخل الحكومة ، مما سيجعل الاستياء الدولي يتعاظم ضد الشرعية وسيصب في صالح مليشيا الحوثي ، وهذا ما تسعى إليه بعض دول الإقليم .
وتأسيسا على ذلك ، فالسؤال الملح هو : كيف يفكر المجلس الانتقالي بوجوده داخل هذه الحكومة ؟ هل أصبح على قناعة بأنه جزء من النسيج الاجتماعي والنظام السياسي في اليمن ، أم أنه سيدير ظهره لكل هذه الاعتبارات ، وسيتعمد إفشال الحكومة في خطواتها الأولى ؟ بتعبير آخر : هل سيطارد الانتقالي أبعد صلة قرابة مع الشرعية ؟ هذا يعتمد على قدرة الرئيس ومعه الإصلاح والمؤتمر في فهم لعبة الإقليم الرامية إلى محاصرة الشرعية ، خاصة وأن الرئيس والإصلاح والمؤتمر المحسوب على الشرعية جميعهم مستهدفين في التصفية .
ولست بحاجة إلى القول إنه سيكون من الخطأ على الإصلاح والمؤتمر أن يدفعا بعناصر أقل من حجم المخاطر المحدقة بهما ، وأي وجه ضعيف لن يكون إلا خصما من رصيدهما ورصيد الشرعية .
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط
https://telegram.me/alyompress
اقرأ ايضا :
اضف تعليقك على الفيس بوك