يتسابق طرفا القتال في السودان، الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، على السيطرة على مناطق عسكرية استراتيجية في الخرطوم ومدن أخرى كخطوة أهم لكسب الحرب.
• مقر قيادة الجيش
أولى تلك المناطق هي مقر قيادة الجيش القيادة العامة وسط الخرطوم، التي اندلع فيها القتال منذ الوهلة الأولى، السبت الماضي، وحتى اليوم الثلاثاء، ولم يستطع أي من الطرفين حسم المعركة لصالحه، رغم سقوط أعداد غير محصورة من القتلى والمصابين.
وتنبع أهمية المقر من تعدد الوحدات العسكرية داخله وإشرافه على دائرة التحكم في العمليات العسكرية، عدا عن وجود مقر إقامة قائد الجيش الجنرال عبد الفتاح البرهان، وهو المكان المعروف ببيت الضيافة.
• مقر قيادة قوات الدعم السريع
وعلى بعد أمتار قليلة من قيادة الجيش، توجد بناية شاهقة خُصصت كمقر لقيادة قوات الدعم السريع، وهو مبنى كان يتبع في السابق لمستشارية الأمن التي أنشأها الرئيس المعزول عمر البشير، وكلف بها مدير الأمن والمخابرات الفريق صلاح قوش، وعلى بعد أمتار قليلة أيضاً، احتفظت قيادة الدعم السريع بمقر آخر تستخدمه في مهام إدارية، فيما يسكن قائد قوات الدعم السريع الجنرال محمد حمدان دقلو "حميدتي" على بُعد 50 متراً تقريباً من منزل البرهان.
• مطار الخرطوم الدولي
وعلى امتداد المساحة ذاتها يوجد حي المطار، وهو من أشهر أحياء الخرطوم وتقطنه قيادات الدولة والوزراء وكبار الموظفين وأساتذة جامعة الخرطوم، ويلي الحي، مطار الخرطوم الدولي على الجهة الجنوبية، ما يزيد من القيمة الاستراتيجية للمنطقة كلها.
في اليوم الأول من الاشتباكات، تمكّن الجيش من تدمير مقرّ قيادة الدعم السريع بالكامل، فيما اشتبك الطرفان على السيطرة على مطار الخرطوم، ودارت داخله معارك طاولت نيرانها طائرات مدنية قابعة في مدرج المطار، وبحسب المعلومات المتوفرة لـ"العربي الجديد"، فإنّ الجيش يبسط سيطرته على المطار حالياً.
والأحد الماضي، في اليوم التالي لبدء الاشتباكات، سيطرت قوات الدعم السريع على زمام المبادرة، واستحوذت على أجزاء من القيادة العامة بعد تمركزها بمركز الشهيد الزبير محمد صالح المقابل للقيادة العامة، ودخولها من عدة محاور، وتمكنت من الإضرار ببناية خاصة للقوات البرية، كما قالت في واحد من بياناتها. من جهته، أوضح الجيش أنّ الأضرار التي أصابت البناية حدثت نتيجة حريق، وكذلك ارتكزت قوات الدعم السريع، في عدد من النقاط على الجهة الجنوبية من مقر الجيش بالقرب من المركز الطبي الحديث بشارع المطار، وذلك عقب استيلائها على مقر جهاز المخابرات، وكل النقاط من جهة الجنوب.
وبشأن السيطرة على القيادة، يرى الجيش أنها مجرد ادعاءات من "المتمردين" قبل أنّ يستدرك، في بيان له: "صحيح أن الاشتباكات ما زالت تدور هنا وهناك، لكن الموقف يتجه نحو الاستقرار وليس ثمة قلق".
وخلال يوم أمس الإثنين، أعاد الجيش سيطرته على أجزاء من مقرّ القيادة العامة، فيما يتوقع أن يكون، اليوم الثلاثاء، حاسماً في المنطقة الأهم حيث لا تزال المعارك دائرة.
وأعلنت قوات الدعم السريع أيضاً سيطرتها على القصر الرئاسي، ونشرت مقاطع فيديو لها من داخل مكاتب أعضاء مجلس السيادة وباحات القصر، ولم يصدر الجيش بياناً عن حقيقة الموقف داخل القصر حتى الآن.
• مطار مروي
ومن المناطق ذات القيمة الاستراتيجية للطرفين بعيداً عن الخرطوم، مطار مروي شمالي السودان، وهو مطار مدني اكتمل تشييده ضمن أعمال سد مروي في العام 2009، وشيدت داخله قبل نحو 10 سنوات قاعدة جوية عسكرية، أُجريت فيها تدريبات مشتركة أكثر من مرة بين الجيشين السوداني والمصري، ما شكّل في الآونة الأخيرة هاجساً لقوات الدعم السريع مع نذر المواجهة بينها وبين الجيش.
وتسربت في الآونة الأخيرة أنباء عن وجود قوات وطائرات عسكرية مصرية جاهزة لمساعدة الجيش السوداني في حال المواجهة بينه وبين قوات الدعم السريع، لذا سارع حميدتي لإرسال أكثر من 80 عربة مزودة بمختلف الأسلحة لترابط بالقرب من المطار من أجل تحييده، لأنّ حميدتي ظلّ في حالة خشية وقلق من استخدام سلاح الطيران باعتباره عامل ترجيح لكفة الجيش، ولا سيما أنّ قواته لا تمتلك السلاح نفسه، مع أنه سعى في مرات سابقة لعقد صفقات مع دول لشراء طائرات مقاتلة، وهو ما تمترس الجيش في رفضه بقوة.
وعقب انطلاق الشرارة الأولى في الخرطوم، سارعت قوة الدعم السريع في مروي إلى الهجوم على المطار والسيطرة عليه، وأسرت ضباطاً وجنوداً مصريين، قالت القاهرة إنهم متواجدون في إطار مشاريع تدريب مشتركة بين الجيشين السوداني والمصري بدأت منذ 3 سنوات، ولم تهنأ قوات حميدتي كثيراً بتواجدها في مطار مروي، لأنّ الجيش عاد وبسط سيطرته عليه، في المقابل، لم يهنأ الجيش عقب عودة جديدة من الدعم السريع، ليبقى المطار رهن عمليات الكر والفر حتى الآن.
• قواعد في أم درمان وغيرها
تشير المعطيات إلى أنّ أكثر نجاحات الجيش السوداني، خلال الأيام الثلاثة الأولى للمعارك، هو تدميره قواعد عسكرية مهمة لقوات الدعم السريع في مدينة أم درمان غرب العاصمة، أولاها قاعدة كرري شمال أم درمان، ومعها قاعدة أخرى بمنطقة الصالحة جنوب المدينة. وهذا الوضع مكّن الجيش السوداني الذي يقود عملياته هناك الفريق ياسر العطا عضو مجلس السيادة، من هزيمة الدعم السريع وهروب عناصرها طوال ليلة أمس الإثنين، بينما طاردتهم وحدات الجيش حتى الطريق المؤدي إلى مدينة بارا غرباً.
وفي معارك أم درمان، حرّر الجيش مقر الإذاعة والتلفزيون، وأعاد البث التلفزيوني بعد انقطاع يومي السبت والأحد، لكن قوات الدعم السريع مصرّة على رواية أخرى تقول فيها إنّ البث يتم من استديوهات بعيدة عن المقر الرئيسي للتلفزيون الحكومي.
ساهمت هذه الانتصارات إلى حد ما في عودة الحياة إلى طبيعتها في مدينة أم درمان التاريخية، يوم أمس الإثنين، باستثناء مناطق بالقرب من سلاح المهندسين، حيث تدور اشتباكات متقطعة كما يقول شهود عيان تحدثوا لـ"العربي الجديد".
وفي غرب الخرطوم، دمّر الجيش، في الساعات الماضية، موقعاً استراتيجياً لقوات الدعم السريع بشارع الغابة، أشهر شوارع غرب الخرطوم، كما خاض معارك ضارية بمنطقة جبرة للاستيلاء على مقر لقوات الدعم السريع، انتهت مساء أمس الإثنين وتجددت مرة أخرى صباح اليوم الثلاثاء، وأثناء المواجهة تعرض عدد من المواطنين لعمليات سلب ونهب، اتهم الجيش بها خصمه قوات الدعم السريع التي سارعت بالنفي.
• مقر سوبا.. منه انطلقت شرارة المعارك
في جنوب الخرطوم، كانت قوات الدعم السريع قد استأجرت مقراً دائماً للمعسكرات يتبع لوزارة الشباب والرياضة بمنطقة سوبا، وذلك قبل أيام من بدء الاشتباكات.
المقر استخدمته القوات كثكنات لجنود استدعتهم من ولايات دارفور، ومعهم نحو 13 مدرعة عسكرية وصلت بشكل علني إلى الخرطوم، وحصنته بكافة أنواع الأسلحة، ومنه انطلقت شرارة المعارك، السبت الماضي، وصمدت القوات أمام هجمات الجيش الذي انسحب لاحقاً، ما مكّن الدعم السريع من التمدد على الجهة الجنوبية الشرقية للخرطوم، خصوصاً بعد استيلائها على مقر لفرقة عسكرية على الحدود المتاخمة لولاية الجزيرة. وتُعد هذه النقطة مدخلاً للعاصمة، إذ تمركزت فيها وتحركت قوات بحرية ما بينها وبين معسكر أرض المعسكرات في سوبا، ولم يبد الجيش اهتماماً بها باستثناء طلعات للطيران الحربي، انتظاراً ربما لحسم معركة القيادة العامة والقصر الرئاسي ليتفرغ لبقية المهام.
• مقرات في بحري
في مدينة الخرطوم بحري، الضلع الثالث للعاصمة، احتفظ الجيش بمقراته الرئيسة هناك، وأبرزها سلاح الإشارة والنقل والمظلات، وهاجم المناطق العسكرية للدعم السريع في الجيلي، لكن ذلك لم يرجح الكفة بالكامل كما هو حاصل في أم درمان، حيث لا يزال المواطنون يسمعون أصوات الرصاص والأسلحة الثقيلة.
• الكباري والجسور
وفي السياق ذاته، يسيطر الجيش على معظم المواقع الاستراتيجية في العاصمة الخرطوم، التي لها أثر على المعارك، وهي الكباري والجسور المقامة على النيل الأزرق والنيل الأبيض، والتي تربط بين المدن الثلاث، وعددها 9 جسور، مع سيطرة غير متواصلة للدعم السريع على كباري سوبا والمنشية والحلفايا.
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط
https://telegram.me/alyompress
اقرأ ايضا :
اضف تعليقك على الفيس بوك