انتهت في العاصمة الإيطالية روما، اليوم السبت، الجولة الثانية من المحادثات بين إيران والولايات المتحدة بشأن البرنامج النووي لطهران، بعد أسبوع على جولة أولى في مسقط وصفها الجانبان بأنها "بنّاءة". وبعد انتهاء المفاوضات، قال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، للتلفزيون الإيراني إن الجولة الثانية للمفاوضات استغرقت 4 ساعات، والمفاوضات "ماضية إلى الأمام"، مضيفاً أن الطرفين نجحا في التوصل إلى "تفاهم أفضل على مجموعة مبادئ وأهداف"، من دون تسميتها.
وأكد عراقجي أنه "تقرر استمرار المفاوضات وأن تدخل مراحل لاحقة وأن تبدأ جلسات الخبراء، ومن المقرر أن تنطلق المفاوضات الفنية على مستوى الخبراء من الأربعاء المقبل في سلطنة عمان". وأكد أن رئيسي الوفدين سيعقدان الجولة الثالثة السبت المقبل لدراسة مخرجات اجتماع الخبراء، موضحاً أن مفاوضات اليوم انعقدت في "أجواء بناءة".
وشدد وزير خارجية إيران على أنه "دائماً هناك تكهنات وتفسيرات شخصية بأهداف مختلفة في أي تفاوض، ولا أؤيد أي تكهنات، وعندما تصل المفاوضات إلى النتيجة ستظهر نتائجها"، مشيراً إلى أنه لا يوجد ما يدعو إلى فرط في التفاؤل والتشاؤم حول مصير المفاوضات، ومؤكداً "أننا ما زلنا حذرين". وأكد وزير خارجية إيران أن "الأميركيين حتى الآن لم يطرحوا أي موضوع لا يتصل بالملف النووي"، قائلاً: "إننا سبق أن أعلنّا أن مفاوضاتنا ستكون في المواضيع النووية فقط، ولن نقبل بمناقشة موضوع آخر".
وفيما أن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافاييل غروسي، في روما، تزامناً مع المفاوضات بين الوفدين الإيراني والأميركي، قال وزير خارجية إيران إنه "من المبكر حضور الوكالة في المفاوضات"، مضيفاً أنه "لسنا في موقع يحتاج حضورها". وأوضح أن زيارة غروسي إلى روما جاءت بمبادرته ولأجل اللقاء مع المسؤولين الإيطاليين، ويبدو أنه أيضاً التقى المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، قائلاً إن إطلاع المدير العام للذرية الدولية على مداولات المفاوضات "إيجابي". وتابع أن الوكالة الدولية "ستكون جزءاً من المسار وستلعب دوراً مهماً وحضوره (غروسي) مفيد، لكن ليس داخل المفاوضات لأننا لم نبلغ بعد مرحلة تحتاج إليه". وشدد عراقجي، في الوقت نفسه، على أن بلاده لن تسمح لأي جهة كانت بالرقابة على برنامجها النووي غير الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
من جهته، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقايي، إن مفاوضات اليوم في روما كانت "مفيدة في أجواء بناءة"، مضيفاً أن الطرفين اتفقا على "استئناف المفاوضات غير المباشرة خلال الأيام القادمة" قبل أن يلتقي كبيرا مفاوضي البلدين السبت المقبل.
وغادر المفاوضون الإيرانيون والأميركيون مكان المفاوضات بعد انتهائها، وأفادت وكالة تسنيم الإيرانية المحافظة أنّ الأجواء الحاكمة على الجولة الثانية كانت "بناءة". وكان الوفد الإيراني برئاسة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قد وصل صباحاً إلى روما التي استضافت المحادثات التي يشارك فيها عن الجانب الأميركي مبعوث الرئيس للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، وتتوسط فيها سلطنة عُمان، وهو ثاني اجتماع رفيع المستوى بين البلدَين منذ أن سحب الرئيس الأميركي دونالد ترامب واشنطن من الاتفاق النووي التاريخي عام 2018.
وانقطعت العلاقات الدبلوماسية بين طهران وواشنطن بعيد الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، وتأتي الجهود الدبلوماسية الأخيرة بعد أن اعتبر ترامب الملف النووي الإيراني أولوية عقب عودته إلى الرئاسة في يناير/كانون الثاني الماضي.
وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقايي في منشور عبر منصة إكس في وقت سابق، إن الجولة الثانية من المباحثات قد بدأت منذ قرابة ساعة في صالتين منفصلتين في مقر إقامة السفير العماني في روما، مشيراً إلى أن وزير الخارجية العماني بدر البو سعيدي يقوم بتبادل الرسائل بين عراقجي وويتكوف في الصالتين.
وفي تصريحات أخرى للتلفزيون الإيراني، أكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقايي، أن مدة المفاوضات اليوم تتوقف على مسار تقطعه، مضيفاً أن بلاده شاركت فيها بـ"الجدية والاستعداد الكاملين"، مشيراً إلى أنها ستواصل المفاوضات "لطالما أنها تستمر بشكل بناء"، ومؤكداً أن طهران مستعدة لإزالة أي شبهة حول سلمية برنامجها النووي.
وشدد على ضرورة رفع العقوبات عن إيران بـ"شكل مطمئن وبضمانات لازمة".
وكان بقايي قد كتب عبر منصة إكس في وقت سابق اليوم، إن "السلام المستدام يولد عبر حوارات صادقة بين الشعوب، وليس عبر فرضها بقوة"، مضيفاً أن اليوم ستبدأ الجولة الثانية من المفاوضات "غير المباشرة" مع أميركا في مدينة روما التاريخية بواسطة البوسعيدي.
وأكد بقايي أن بلاده لطالما أظهرت "حسن نياتها، وتوجهها المسؤول، وتعهدها بالدبلوماسية أسلوباً حضارياً لحل القضايا، مع مراعاة المصالح العليا للشعب الإيراني"، مضيفاً: "نعلم أن الطريق ليس معبّداً. نتخذ خطواتنا بعيون واعية، وتجربة زاخرة من الماضي".
من جهته، قال مستشار المرشد الإيراني للشؤون السياسية علي شمخاني، في منشور عبر إكس، إن المفاوضين الإيرانيين توجهوا إلى روما بصلاحيات كاملة، بحثاً عن اتفاق بناء على "تسعة مبادئ: الجد، والضمان، والتوازن، ورفع العقوبات ورفض النموذج الليبي الإماراتي، وتجنب التهديد، والسرعة، واحتواء المزعجين (إسرائيل)، وتسهيل الاستثمارات". وختم شمخاني بالقول إن "إيران جاهزة لاتفاق متوازن لا الاستسلام".
إلى ذلك، التقى وزير الخارجية الإيراني في روما نظيره الإيطالي أنطونيو تاياني، وأجرى معه مباحثات بشأن العلاقات الثنائية والمفاوضات النووية. وذكرت الخارجية الإيرانية أن عراقجي قال خلال اللقاء، إن برنامج إيران النووي "سلمي"، و"لا مكانة لأسلحة الدمار الشامل في العقيدة الدفاعية للجمهورية الإسلامية الإيرانية"، مؤكداً أن "الكيان الصهيوني المانع الوحيد أمام شرق أوسط عارٍ من الأسلحة النووية". ودعا عراقجي أوروبا إلى اتخاذ "موقف مسؤول" تجاه جرائم الكيان في غزة وحرب الإبادة.
واستأنف ترامب سياسة "الضغوط القصوى" عبر فرض عقوبات على إيران، وبعث في مارس/آذار الماضي رسالة إلى المرشد الإيراني علي خامنئي يدعو فيها إلى عقد محادثات نووية تحت طائلة تنفيذ عمل عسكري ضد إيران إذا فشلت الدبلوماسية. وقال ترامب، أول من أمس الخميس: "لست في عجلة من أمري" للجوء إلى الخيار العسكري، مضيفاً: "أعتقد أن إيران ترغب في الحوار".
من جهته، قال عراقجي، وهو أحد مهندسي الاتفاق النووي لعام 2015، أمس الجمعة، إن إيران "لاحظت قدراً من الجدية" لدى الأميركيين خلال الجولة الأولى، لكنه شككك في نياتهم. وقال خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو: "رغم أن لدينا شكوكاً جدية بشأن نيات الجانب الأميركي ودوافعه، سنشارك في مفاوضات الغد على أي حال".
وفي مقابلة نشرتها الأربعاء الفائت صحيفة لوموند الفرنسية، قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي إن إيران "ليست بعيدة" عن امتلاك قنبلة نووية. وقال غروسي، الذي أجرى محادثات مع مسؤولين إيرانيين خلال زيارة إلى طهران هذا الأسبوع، إن الولايات المتحدة وإيران "في مرحلة حاسمة" في المحادثات و"لا نملك إلا مهلة قصيرة" للتوصل إلى اتفاق.
وخلال فترة ولاية ترامب الأولى، انسحبت واشنطن من الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين طهران والقوى الكبرى، الذي نص على تخفيف العقوبات الدولية على إيران مقابل فرض قيود على برنامجها النووي. والتزمت طهران بالاتفاق مدة عام بعد انسحاب ترامب، قبل أن تتراجع عن التزامهاتها تدريجياً. وكان عراقجي مفاوضاً في اتفاق عام 2015. أما نظيره في روما ويتكوف، فهو قطب عقارات كلفه ترامب أيضاً بإجراء محادثات بشأن أوكرانيا.
وتخصب إيران حالياً اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60%، وهو أعلى بكثير من حد 3.67% المنصوص عليه في الاتفاق، لكنه لا يزال أقل من عتبة 90% المطلوبة للاستخدام العسكري.
وحضّ وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، أمس الجمعة، الدول الأوروبية على اتخاذ قرار بشأن ما إذا كانت ستفعّل "آلية الزناد" التي من شأنها أن تعيد فرض العقوبات الأممية على إيران تلقائياً على خلفية عدم امتثالها للاتفاق النووي. وينتهي خيار تفعيل هذه الآلية في أكتوبر/تشرين الأول من هذا العام. وكانت إيران حذّرت في وقت سابق من أنها قد تنسحب من معاهدة حظر الانتشار النووي إذا فُعّلت هذه الآلية.
موضوعان للتفاوض حصراً
أصر المسؤولون الإيرانيون على أن تركز المحادثات فقط على البرنامج النووي ورفع العقوبات. وقال عراقجي إن التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة "مرجح" إذا امتنعت واشنطن عن "طرح مطالب غير معقولة وغير واقعية"، من دون الخوض في التفاصيل.
ويرى محللون أن الولايات المتحدة ستسعى إلى إدراج مناقشات حول برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني بالإضافة إلى دعم طهران فصائل مسلحة في الشرق الأوسط. وأكد عراقجي أن حق إيران في تخصيب اليورانيوم "غير قابل للتفاوض"، وذلك بعد أن دعا ويتكوف إلى وقف التخصيب الكامل. وكان ويتكوف قد اكتفى في تصريح سابق بمطالبة إيران بالعودة إلى سقف التخصيب المحدد في اتفاق عام 2015.
بدوره، قال الحرس الثوري الإسلامي الإيراني، الثلاثاء الفائت، إن القدرات العسكرية للبلاد تقع خارج نطاق المناقشات. وذكرت وكالة "إرنا" الرسمية للأنباء أن نفوذ إيران الإقليمي وقدراتها الصاروخية من بين "خطوطها الحمر" في المحادثات.
من جهتها، أكدت إسرائيل، حليفة الولايات المتحدة، أمس الجمعة، التزامها الثابت بمنع إيران من امتلاك الأسلحة النووية، قائلة إن لديها "مسار تحرك واضحاً" لمنع ذلك. في حين قال خامنئي، الثلاثاء الفائت، إن الإيرانيين يجب ألا يعلقوا آمالهم على التقدم في المفاوضات التي "قد تسفر أو لا تسفر عن نتائج".
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط
https://telegram.me/alyompress
اقرأ ايضا :
اضف تعليقك على الفيس بوك