دخلت "معركة الصبر" بين موسكو وأنقرة مرحلة حاسمة، فقادة البلدين يحذرون من أن صبرهم بدأ ينفد وأن لصبرهم حدودا، لكنهم يبقون التصعيد كلاميا، رغم حادثتي الاحتكاك التي وقعتا بين سفن روسية وتركية ببحر إيجة والبحر الأسود.
آخر المتحدثين عن الصبر وحدوده كان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، الذي قال اليوم إن "لصبر أنقرة على موسكو حدودا بعدما بالغت الأخيرة في رد فعلها على الحادث البحري". وقد سبق حديث أوغلو عن نفاد الصبر كل من الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان.
وأجبرت قطع بحرية روسية سفينة تركية اليوم الاثنين على تغيير مسارها في البحر الأسود. وأعلنت شركة "تشيرنومورنيفتيجاز" الروسية العاملة في مجال الطاقة بمنطقة القرم أن سفينة حربية وزورقا لخفر السواحل أجبرا سفينة تجارية ترفع علم تركيا على تغيير مسارها بعد أن كانت في طريق زوارق للشركة تقطر منصة حفر بحرية.
أسوأ أزمة
غير أن دائرة أمن الحدود الفدرالية في القرم نفت ما صدر عن الشركة الروسية. وقال بيان صادر عن الأمن الفدرالي الروسي إنه لم تكن هناك أي محاولة لوقف أو عرقلة نقل المنصات الروسية.
وكانت روسيا ذكرت الأحد الماضي أن مدمرة روسية تجنبت في اللحظة الأخيرة اصطداما بمركب تركي في بحر إيجة. وحذرت وزارة الدفاع الروسية أنقرة من العواقب المحتملة لأي عمل عسكري ضد جنودها.
وتشهد العلاقات بين البلدين أسوأ أزمة دبلوماسية منذ الحرب الباردة، بعدما أسقط الطيران التركي قاذفة روسية الشهر الماضي. وبينما أصرت روسيا على أن الطائرة كانت داخل الأجواء السورية، أكدت تركيا أن الطائرة خرقت مجالها الجوي.
هذه الأزمة انسحبت على كافة أوجه العلاقة بينهما، فموسكو أعلنت إلغاء قمة ثنائية بين الرئيسين الثلاثاء، في حين أكدت مصادر الرئاسة التركية أن اجتماع مجلس التعاون الرفيع المستوى التركي الروسي المقرر الثلاثاء بمشاركة أردوغان وبوتين لن يعقد.
ولن تهدأ الاتهامات الروسية لأنقرة، فبعد الحديث عن تجارة النفط مع تنظيم الدولة الإسلامية، ها هو رئيس الهيئة الفدرالية لمكافحة المخدرات الروسية فيكتور إيفانوف يعلن اليوم الاثنين أن "تجار المخدرات يستخدمون تركيا نقطة ترانزيت للهيروين الأفغاني".
في المقابل منعت هيئة الأركان التركية العسكريين من إمضاء إجازاتهم في روسيا، ووفقا لوكالة السياحة الروسية فقد زار روسيا في النصف الأول من العام الجاري 69 ألف سائح تركي، في حين زارها العام الماضي أكثر من 134 ألفا. بالمقابل زار تركيا في النصف الأول من العام الجاري أكثر من مليون سائح روسي، وخلال عام 2014 نحو 3.3 ملايين سائح.
البوسفور والدردنيل
وكانت موسكو فرضت على أنقرة إجراءات اقتصادية، شملت قطاع السياحة، وألغت الرحلات غير المنتظمة (التشارتر)، وتم منع بيع رحلات السياحة إلى تركيا، ومن بداية العام المقبل ستعيد موسكو فرض التأشيرة على دخول الأتراك أراضيها.
وفي رد على هذه الإجراءات لوّح رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو بفرض عقوبات "عند الضرورة" ولكن دون المزيد من التوضيح، وبعد حديث أوغلو اتجهت أنظار المراقبين لمضيقي البوسفور والدردنيل التي تحكم اتفاقية مونترو قواعد المرور عبرهما، وتنص الاتفاقية على أنه ليس من حق تركيا إغلاق مرور السفن عبرهما إلا إذا كانت تابعة لدول في حالة حرب مع أنقرة.
ويخشى بعض الخبراء الروس أن تستغل أنقرة هذه النقطة في الاتفاقية لتغلق المضيقين في وجه السفن الروسية المتجهة من البحر الأسود إلى البحر المتوسط. وفي هذا الخصوص، قال الكرملين إن "قواعد حركة الملاحة البحرية عبر أي مضيق يحكمها القانون الدولي".
ورغم توفر البدائل -بحسب الخبراء- فإن المسافة عبر البحر تتضاعف، والكلفة سترتفع إذا تم الاعتماد على النقل الجوي.
وفي حادث لافت عادت طائرة تابعة للخطوط الجوية الروسية لمطار بانكوك بعد بلاغ من أحد الركاب بوجود شخص يتحدث التركية. وذكرت صحيفة "ستار" التركية أن الطائرة المتجهة إلى موسكو، خضعت لعملية تفتيش واسعة بعد عودتها لبانكوك، مما أخر انطلاقها تسع ساعات.
وللرياضة حصة من هذا التوتر، حيث أعلن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم عدم الأخذ بعين الاعتبار وقوع الفرق الروسية بمواجهة نظيراتها التركية، على عكس ما جرى بالنسبة للفرق الروسية ضد الأوكرانية، وأوقعت قرعة دور الـ32 من الدوري الأوروبي لوكوموتيف موسكو بمواجهة فنربختشة التركي.
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط
https://telegram.me/alyompress
اقرأ ايضا :
اضف تعليقك على الفيس بوك