المفاوضات اليمنية في غرفة الإنعاش

 

تعيش مفاوضات السلام اليمنية التي تعقد في الكويت منذ الحادي والعشرين من إبريل الماضي بين الحكومة اليمنية من جهة ووفد الحوثيين وممثلي الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح من جهة أخرى في حالة مرضية تصل في كثير من الأحيان إلى غرفة الانعاش حيث يتدخل وزير الخارجية الكويتي للانقاذ من آن لآخر بينما يكتفي مندوب الأمم المتحدة إسماعيل ولد الشيخ بمطالبة الطرفين بتقديم التنازلات حتى تخطو المباحثات خطواتها نحو طريق الحل.

 

وما يحدث في المفاوضات اليمنية طبيعي ويحدث في كل المفاوضات التي تجرى بين المتفاوضين في كل الحروب، لاسيما إذا كانت هناك أطراف خارجية تتدخل في اللعبة ولا يكون القرار وطنيا وداخليا خالصا، فلم يعد سرا أن الإيرانيين يحركون الحوثيين ويلعبون من وراء الكواليس في القرار اليمني بمعنى أن الحكومة اليمنية تتفاوض مع الإيرانيين عبر الحوثيين وصالح الذي رمي كل بيضه في سلة الحوثيين بعدما لعب الدور الأساسي في صناعة قوتهم خلال سنوات الحرب معهم بين عامي 2005 و2010 حيث كان حريصا على إجهاض قواته لصالح الحوثيين لأسباب افتضحت فيما بعد، لاسيما وأنه كان يريد التخلص من الرجل الذي كلفه بالمهمة وهو اللواء علي محسن الأحمر حتى يرتب أوراق استخلاف ابنه أحمد علي عبد الله صالح من بعده.

 

مشكلة المفاوضات اليمنية أن الطرف المعتدي وهم الحوثيون لا يزالون يملكون الكثير من الأوراق القوية ويسيطرون على كثير من المناطق الحيوية بما فيها العاصمة صنعاء، ومن ثم فإنهم يتشددون في الطرح ولا يتنازلون قيد أنملة للحكومة عما في أيديهم، ومشكلة الحكومة أن حلفاءها لا يدعمونها بالشكل الذي يقوي موقفها ويجعلها تحصل على ما تريد وتضغط بقلب قوي على الحوثيين، كما أنهم لا يساعدونها على الحسم على الأرض لأن من يملك الأوراق القوية على الأرض هو الذي يضغط تجاه الحل الذي يريد، في النهاية الأطراف الخارجية التي تقف وراء كل طرف غير مستعجلة على الحسم الآن ومن ثم فإن طريق التفاوض طويل وشاق وستبقى المفاوضات تراوح مكانها ولا يستطيع أي طرف أن يزحزح الآخر إلا إذا حدث تغير عسكري على الأرض يجبر الحوثيين على التنازل، أما الوضع الحالي فإنه لا يساعد إطلاقا سوى أن تبقى المفاوضات تراوح مكانها في غرفة الانعاش حتى تتحسن الأوضاع على الأرض، والذي يجبر الحوثيين على التراجع والتنازل عن موقفهم الصلب وتعنتهم هو حسم معركتي تعز وصنعاء، ولم يعد سرا أن أطرافا خليجية لا تريد لهاتين المعركتين أن تحسما بل تحول دون ذلك، ومن ثم فإن الطريق طويل وشاق والمفاوضات ربما تستمر سنوات لكن الذي يملك الأرض هو الذي يملك القرار القوي في التفاوض.