بعد فشل كل المحاولات الأممية الحثيثة لشرعنة الانقلاب الميليشوي في اليمن من خلال سلسلة المفاوضات الأممية في جولاتها الثالث في جنيف وبيل والكويت، حيث الجولة الأطول التي على وشك الدخول في شهرها الثالث دون أي تقدم يذكر، ها هي مطابخ المبعوث الأممي تسرب معلومات بالونية للاختبار عن وجود مبادرة أممية أو خارطة طريق لحلحلة الأزمة اليمنية.
تأتي هذه التسريبات، في ظل فشل كلي لمباحثات الكويت، رغم حجم الضغوطات الدولية الكبيرة على الحكومة الشرعية اليمنية وحكومة المملكة العربية السعودية، قائدة التحالف العربي للاستعادة الشرعية، وانهاء الانقلاب، المدعوم إيرانياً، وبتواطؤ دولي واضح فيما يتعلق بسياق الثورات المضادة لثورات الربيع العربي الديمقراطي الذي انفجر سلسلة ثورات سلمية عربية منذ 2011م جوبهت بصد غربي واضح وصريح.
بالعودة إلى موضوع تسريبات السيد ولد الشيخ المبعوث الأممي والتي تتحدث في مجملها عن أفكار شفوية طرحت على جانبي التفاوض في الكويت بين الشرعية والانقلاب، والتي يأتي في مقدمتها التركيز الشديد عن فكرة إلزامية مثل هذه الأفكار الأممية التي يراد صياغتها على شكل مبادرة أممية تهدف بدرجة رئيسية لتلافي الفشل الأممي الكبير في اليمن، من خلال هذه المبادرة للوصول إلى حل أو نقطة بداية حقيقية للسلام المعقد في الحالة اليمنية.
لا وجود أي تفاصيل دقيقة عن مضمون المبادرة الأممية المبشر بها، ولكنها سترتكز بدرجة رئيسية على مسألة نسف كل المرجعيات السابقة للحل في اليمن والتي يأتي في مقدمتها مخرجات الحوار الوطني، والقرار الدولي 2216 وهو ما يعني التأسيس لحالة من التشوه السياسي أكثر شبهاً بالوضع اللبناني بكل تفاصيله من ثلث معطل وسلاح ثقيل في يد الميليشيات ومرجعية حوزوية وغيرها من التفاصيل، التي لا يمكن التكهن بها بدقة.
لكن تكمن خطورة الحديث عن مبادرة أممية في ظرف كهذا أو خارطة طريق للحل في اليمن أنها تأتي عشية الحديث عن ضغوطات دولية كبيرة تمثلت بإدراج التحالف العربي في القائمة السودة لمنتهكي حقق الأطفال، والجدل الدائر بعدها، وكل هذه الضغوطات تدفع بهذا الاتجاه مما يعني أن كواليس المشهد الدولي الراهن قد تمخضت وصفة لمصالحه في المنطقة على حساب مصالح شعوبها، وتبرز مؤشرات مثل هذه الوصفة بالزيارة الأخيرة لولي ولي العهد السعودي للبيت الأبيض ولقاءه الرئيس الأمريكي أوباما، حيث كان من ضمن نقاط النقاش الرئيسية للزيارة هي الوضع في اليمن وسوريا.
أكثر من خمسين يوماً، مضت على مشاورات الكويت التي لم تنجح منذ اللحظة الأولى في الاتفاق على جدول أعمال، وهي الحالة المستعصية التي ربما تدفع ببعض الأطراف الدولية للبحث عن مخارج طوارئ وضعتها منذ البداية ولكنها لم تتصور أنها ستلجأ إليها بهذه السرعة، وهو ما يفتح الباب أمامنا على مصراعيه لنلقي نظرة سريعة في طبيعة الدور المشبوهة الذي تقوم به الأمم المتحدة في المنطقة العربي وهو الدور الذي انتقدته كثيراً منذ البداية في اليمن مما دفع بممثل الأمين العام إسماعيل ولد الشيخ إلى حظري هذا الأسبوع من متابعة صفحته على موقع تويتر في بادرة غريبة تنبيء فعلا عن أدوار مشبوهة فعلا لهذا المنظمة التي ماتت إكلينيكياً وعملياً، وأصبحت عاجزة وتضيق ذرعاَ بمجرد بالرأي الكاشف لسياساتها العدمية والكارثية.
فبعد الفضيحة الكبيرة للمبعوث الأممي السابق السيد جمال بن عمر، والذي كان بمثابة عراب هذه الجماعات الطائفية الانقلابية منذ البداية من خلال إصراره العجيب على ضم تلك الجماعة إلى طاولة الحوار الوطني حينها، دون قيد أو شرط، بل تحول دوره إلى ما يشبه ميسر أعمال المليشيات لا مبعوث أممي ملتزم الحياد المنهجي والموضوعي تجاه كل الأطراف وليس انخراطه الكلي والواضح منذ الوهلة الأولى في تعضيده لرأي الميليشيات.
من هنا، فإن الحديث اليوم عن مبادرة أممية، أو خارطة طريق للحل في اليمن فليس سوى متاهة أخرى يتوخى من خلالها، تمرير شرعنة الانقلاب، بالذهاب إلى حكومة محاصصة لصوصية للدولة وأجهزتها أدواتها وتحويلها إلى أشبه بفيد يتم تقاسمه بعد دمار اليمن وتشريد أبنائها وقتلهم بالألاف.
لكن يبقى الجزء الجوهري في الحديث عن خارطة طريق في أنها تهدف إلى تحجيم دور المملكة العربية السعودية الذي كان على موعد من الصعود الكبير من خلال إعلان التحالف العربي الذي دشن أولى مهامه بإعلان قيام عاصفة الحزم والأمل، واستعادة الشرعية اليمنية المنقلب عليها، لكن كما يبدو أن هذا الدور الذي قامت به المملكة لم يرق للبعض إقليماً ودولياً، ويسعون الأن إلى تحجيم هذه الدور السعودي بل وتقيده وإعادته إلى بيت الطاعة الأمريكية والإيرانية ومن البوابة اليمنية ذاتها، من خلال الحديث عن سلام ناقص وسلام مزور يؤسس لمزيد من الخراب والدمار ليس في اليمن فحسب بل في المنطقة كلها وسيكون بوابته هو السلام المزيف الذي يسعون إليه من خلال مسمى خارط الطريق المسدودة الأفق هذه.
*إيوان 24
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط
https://telegram.me/alyompress
اقرأ ايضا :
اضف تعليقك على الفيس بوك