لدي يقين بأن وظيفة "الستين" الثورية لم تنته بعد، فالثورة مازال أمامها أشواط من النضال الطويل قبل أن تصل إلى عتبات دولة حديثة. مع ذلك فليس من المعقول أن ينجر "الستين" الثوري خلف الدفاع عن حكومة فاشلة وعاجزة، ولا أن ينساق إلى تصنيف كل ما عداه كثورة مضادة. إن كل صوت يرتفع ليلتقي مع فكرة العدل والمساواة، وبناء الدولة الحديثة، وتحريرها من مراكز القوى والنفوذ، ورفض المحاصصة البغيضة والعبث الإداري، وانكار الظلم المستمر في الجنوب وفي غيره، والدعوة لوقف قتل الابرياء وإعادة الحقوق المطلبية المشروعة إلى أهلها هو صوت ينتمي الى الثورة وإلى جوهرها الأخلاقي حكما.
إن الثورة هي رؤية موضوعية متسلحة بالفضيلة الأخلاقية، والثوري الذي يفقد قدرته الحكم على الأشياء بموضوعية وتجرد، ويستنجد بالهواجس والمخاوف بل ويخترعها اختراعا ليبرر عبثية المشهد، معتقدا أنه يحافظ بذلك على توازنه الأخلاقي أمام نفسه وأمام الأخرين ويحمي ثورته، هو ثوري مغشوش، دخلت الثورة إلى قلبه من باب الحزب أو القبيلة أو المنطقة أو الطائفة أو المصلحة وليس من باب الوطن المفتوح على كل ابنائه وعلى همومهم ومعاناتهم.
- شخصيا لا يشرفني الدفاع عن الحكومة الحالية ولو بشق كلمة، وأرى أن من واجب الثوار ايضاح موقفهم بهذا الخصوص، فإن كان البديل عن حكومة المحاصصة القائمة حكومة محاصصة أخرى، فبئس الطالب والمطلوب، لأن الخلل قبل أن يكون في الحكومة القائمة يكمن في صيغة التقاسم التي جاءت بهذه الحكومة، واستبدال تقاسم بتقاسم آخر لن يحل المشكلة. وإن كان المطلوب حكومة كفاءات (تكنوقراط) برئيس وزراء مستقل وشخصية وطنية مشهود لها بالنزاهة والقدرة وتعطى الصلاحيات اللازمة لانجاز أعمالها، فهذا مطلب عزيز يستحق أن تجلس جميع الأطراف وتتباحث فيه، كما يستحق أن يسارع الثوار إلى تبنيه والدعوة إليه والضغط من أجله.
- مشروع التوريث ما زال قائما فكيف نواجهه؟ هل نواجهه بالاختباء وراء الرئيس هادي، أم بتطوير بديل مدني يعبر عن مشروع الثورة ويكون جاهزا للمنافسة عندما يحين أوان الانتخابات؟ لماذا لا يجري العمل من الآن في اوساط الثورة (شبابها وقواها) على صياغة برنامج وطني ثوري انتخابي وإعداد شخصية وطنية توافقية تؤمن بالثورة واهدافها وبالشراكة الوطنية وحيويتها حتى لا نجد انفسنا يوما ما أمام كارثة انتخابية ليس لنا فيها إلا تكرار القديم أو التشبث بالقائم (الرئيس هادي)؟ أم أننا سنظل نهرب من الاستحقاق الدستوري إلى ما لانهاية؟
- إعداد الدستور معركة لا تقل ضراوة عن مجريات مؤتمر الحوار الوطني، ودراسة تجربة الحوار الوطني توجب على شباب الثورة لاسيما المستقلين التنبه لتشكيل لجنة اعداد وصياغة الدستور والحصول على وضع جيد في إطارها يسمح بتلافي نواقص الحوار الوطني، ويمنع تمرير صيغ إرضائية تبهت مشروع الدولة، أو تؤثر في قواعد العدالة والحقوق والحريات.
- تنفيذ النقاط المتعلقة بالقضية الجنوبية ورد المظالم واعادة الحقوق إلى أهلها، مسألة ذات أولوية في هذه المرحلة فسرعة تنفيذها سيساعد على صياغة الدستور، ومواجهة المخاطر المحيقة بمشروع الدولة الاتحادية.
هذه قضايا أرى أنها أولى بالحشد والحراك والعمل الثوري الدؤوب والمخلص.
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط
https://telegram.me/alyompress
اقرأ ايضا :
اضف تعليقك على الفيس بوك