ثوراتٌ غيرُ مكتملةٍ !

إنَّ الثوراتِ غيرَ المكتملةِ تُطيلُ أعمارَ أعدائِها , وتمنحهم فرصةَ ترتيبِ صفوفِهم , وتغريهِم بمقاومتِها , ومحاولةِ إجهاضِها .
 
 
 
حيثُ يتداعى فلولُ الطغاةِ وأنصارُهم من الفاسدين والانتهازيين على الثائرين ؛ شاهرين سلاحَ التشكيكِ بالثورةِ ومشعليها وأنصارها تارةً , خائضين بأخبار مشعليها , ومرجفين بمواطن ضعف أنصارها تارةً أخرى !
 
 
وبالمقابل , يغدو المتعجلون من مشعلي هذه الثوراتِ وأنصارِها صيداً سهلاً لليأس , وفريسةً للتشكيكِ بفعلهِم الثوري !
 
 
 
أما الصامتون , والخاذلون للثوراتِ وأهلِها ؛ فإنهم يجدون سبيلَهم للشماتةِ والتشفي , وتبريرِ تخاذلهِم وصمتهِم  !
 
 
 
كما أنَّ انتماءاتِ ما قبل الدولة تطلُ بقرونِها ؛ بحيثُ يحضرُ التعصبُ للمذهبِ مختزلاً الدين , ونافياً المذاهب الأخرى , أما المناطقيةُ الضيقةُ فإنَّها تغدو بديلاً لجغرافية الدولة المتسعة !
 
 
 
 ويحضر الولاء للقبيلةِ قبل الدولة , ويتم التنكرُ للهويةِ العامةِ ؛ عبر استدعاءِ هوياتٍ فرعيةٍ متصادمةٍ , ومتناحرة . بحيثُ يُستعاض عن (الهوية) الجامعة بـ(هاوية) قاصمة !
 
 
 
وهكذا يغيبُ الولاءُ للوطنِ , ويُداهم الدولةَ خطرُ التفكيكِ والانهيار !
 
 
 
وهكذا تتحول نعمة التعدد , والتنوع المجتمعي إلى نقمة !
 
 
 
صحيحٌ أن المستبدَ وزبانيته قد وظَّف التعدد والتنوع كليهما لإطالة عمره السياسي حيناً , عبر تحويلهما إلى ثنائيات مُسيَّسة , ومُستقطبة أطالة أمد الصراعات والنزاعات ؛ مما أضعف المجتمع والدولة !
 

 
لكن من الصحيحِ , أيضاً , أنَّ ثَّمة مواطن ضعف قد لازمت هذه الثورات غير المكتملة , كما أن الثائرين قد ارتكبوا أخطاءً ومثالبَ لا تخطئها العين !
 
 
 
وما اختزال الثورة في محاصصة المناصب , وتقاسم الوظائف , وعدم تقبل النقد , واحتكار حق تمثيل الثورات , سواء أكانت (ثورات نصفيه), أو(ثورات ربعيه) أو أدنى من ذلك ؛ إلا بعض شواهد الضعف , وأمارات عيوب بعض الثائرين وأنصارهم !
 
 
 
فالقيام بالفعل الثوري , لا ينبغي أن يحصن الثائرين من تقويم أفعالهم , وحجب مراجعة ممارساتهم .
 
 
 
بل يتعين محاسبة مرتكبي الأفعال غير السوية التي صاحبت إشعال الثورات , أو ارتكبت بدعوى الحفاظ الثورة , وحمايتها , وحراسة مكاسبها !
 
 
فالثوراتُ لا تُسرق , بل تُجهض ؛ جراء براعة تخطيط المتآمرين , ومثالب الثائرين .
 
 
 
اعلموا أنه لا ثوراتٌ مكتملةٌ بدون ثائرين ناقدين ومنقودين . كما أن الطُهر الثوري لا يعفي من تفعيل قاعدة الثواب والعقاب , وتطبيقها على الحاكم والمحكوم , والثائر والمُثار عليه .
 
 
فلا قداسةُ لطاغيةٍ , ولا حصانةُ لثائرٍ حين يُخطئ .
 
 
 
ختاماً , اعلموا أنه بحضور الإرادة , وعدم خذلان الرؤى والنصوص تكتمل ثوراتنا , وتأتي أفعالنا أُكلها. فلا يأسٌ ولا قنوط , بل أملٌ وعمل. واللهُ المستعانُ .
 
 
* ملحوظة , ثوراتُ الربيعِ العربي أعني ؛ فما تزالُ ثوراتٍ غير مكتملة , وثمة محاولات مستمرة ومستميتة لإجهاضها .
 
 
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط https://telegram.me/alyompress


كلمات مفتاحية:


اقرأ ايضا :
< الطيران اليمني يشن غارات لفك حصار فرضه رجال قبائل على حقول نفطية ومعسكر بحضرموت
< مدير مستشفى العرضي :2,5 مليون دولار كلفة الأجهزة الطبية المتضررة بالمستشفى
< حزب الرشاد يطالب واشنطن بإسقاط إجراءاتها بحق الشيخ الدكتور" الحميقاني"
< هادي يكلف اليدومي وياسين نعمان والارياني وباراس لمراجعة مقترح بن عمر بشأن تحديد مسألة الأقاليم وعددها
< الجوائز الأدبية باليمن والتحفيز على الإبداع
< هولاند: لا جدوى من جنيف 2 إذا لم يتناول تنحي الأسد
< الأمم المتحدة: ارتفاع كبير للاجئين بالعالم خلال 2013

اضف تعليقك على الفيس بوك
تعليقك على الخبر

ننبه الى ان التعليقات هنا تعبر عن كاتبها فقط ولا يتبناها الموقع، كما ننبه الى ان التعليقات الجارحة او المسيئة سيتم حذفها من الموقع
اسمك :
ايميلك :
الحد المسموح به للتعليق من الحروف هو 500 حرف    حرف متبقى
التعليق :
كود التحقق ادخل الحروف التي في الصورة ما تراها في الصورة: