أصدر مجلس الأمن الدولي، مساء الأربعاء، القرار الدولي رقم (2140) لسنة 2014، بشأن اليمن. والذي حظي بإجماع كافة دول المجلس.
وضمن أبرز وأهم ما تضمنه القرار، تشكيل لجنة عقوبات تعمل خلال 13 شهرا من تاريخ إصداره، بمساعدة لجنة خبراء مكونة من أربعة أشخاص، مهمتها التحقيق وتجميع الأدلة والمعلومات وتحليلها وفحصها، لتحديد الأفراد والجهات المعيقين والمعرقلين لمسار العملية السياسية في اليمن بموجب المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني، واستخدام العنف وتدمير البنية التحتية في البلاد.
وأتاح القرار لمجلس الأمن التصرف بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، لتنفيذ عقوبات دولية، حددها القرار، على من تقرر لجنة العقوبات تسميتهم وإدراجهم كمعرقلين للعملية السياسية من أفراد وجهات ومن يرتبطون بعلاقات تنفيذية معهم.
القرار لم يضع اليمن تحت الوصاية الدولية بل وضع المعرقلين أياً كانوا تحت العقوبات الدولية
وفي الوقت الذي شدد فيه على الدول الأعضاء تنفيذ القرارات الدولية السابقة المتضمنة فرض عقوبات ضد أعضاء تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، دعا الحراك الجنوبي وجماعة الحوثي إلى نبذ العنف والتوقف عن استخدامه لتحقيق مآرب وأهداف سياسية.
وأثار القرار الدولي الأخير، موجة تساؤلات تتعلق بمخاطر دخول اليمن تحت الوصاية الدولية بموجب وضعها تحت الفصل السابع للأمم المتحدة.
كما أثار تساؤلات أخرى بشأن حذف مواد كانت تذكر رئيس النظام السابق علي عبد الله صالح، ونائبه السابق علي سالم البيض، باعتبارهما معرقلين ضمنيين بفعل التحريض المكرس عبر وسائل الإعلام التابعة لهما ضد النظام الحالي، وبث الكراهية والعنف.
وإلى جانب ذلك، بدت مضامين القرار – الذي عد من قبل البعض أنه الأطول في تاريخ الأمم المتحدة، غير واضحة، لاسيما ما يتعلق بجوانب الفائدة التي منيت بها اليمن - لا المجتمع الدولي - من هذا القرار.
ولتوضيح تلك المخاوف، تواصل «المصدر»، مع أحد خبراء الأمم المتحدة العاملين في مكتبها باليمن.
الفصل السابع هنا يتعلق بتنفيذ عقوبات محددة بالقرار ولن يوصل إطلاقا إلى التدخل العسكري كما يروج بعض المتضررين.. وإنما جاء ليمنح قوة إلزامية لتنفيذ العقوبات من كافة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ضد المعرقلين الذين ستحددهم لجنة العقوبات
وبداية قلل المصدر من المخاوف الناجمة لدى البعض من الحديث عن خطورة وضع اليمن تحت الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة، الذي يخول مجلس الأمن القيام بتدخل عسكري، وغيره من إجراءات قد تطال الشعوب، بما في ذلك أيضا إمكانية فرض عقوبات وحصار اقتصادي وغيره ضد الدولة الواقعة تحت التصرف الدولي بموجب هذا الفصل.
مخاوف البعض من القرار
وإذ أشار إلى إن تلك المخاوف تأتي على خلفية التجربة الدولية في العراق، أكد أن الحالة اليمنية تختلف تماماً، كون الفصل السابع هنا ليس له علاقة بالتدخل العسكري، حيث وأنه قد تم تحديده في الحالة اليمنية بفرض العقوبات التي حددها قرار مجلس الأمن، على المعرقلين الذين ستحددهم لجنة العقوبات المخولة بذلك.
ولمزيد من التوضيح، أكد أن البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة، بطبيعة الحال، مهمته الرئيسية هو «إعطاء قوة إلزامية لتنفيذ قرارات مجلس الأمن»، سواء كانت تلك القرارات تدخلا عسكريا أم حصاراً أم عقوبات أم غيره.
وأضاف الخبير بالأمم المتحدة: «في الحالة العراقية، كان المجتمع الدولي قد قرر التدخل العسكري وعليه وضعت العراق تحت الفصل السابع لمنح التنفيذ قوة إلزامية. أي أن قرار التدخل العسكري هنا فرض وضع العراق تحت الفصل السابع لمنح هذا التدخل قوة إلزامية للتنفيذ، وليس العكس».
واستدرك: «أما هنا في اليمن يتعلق الأمر بالعقوبات وليس التدخل العسكري، ما يعني أن وضع اليمن تحت الفصل السابع جاء ليعطي القوة الإلزامية لفرض وتنفيذ العقوبات المحددة بقرار مجلس الأمن الأخير بشأن اليمن، وضد المعرقلين من افراد وجهات ستحددهم لجنة العقوبات بالأدلة».
وبشأن ما يروج من مخاوف بهذا الشأن، باعتبار ذلك مقدمة قد تصل لاحقا لفرض التدخل العسكري في اليمن، قال إن ذلك غير صحيح، طبقا لما أوضحنا سلفا.
ليس من شأن مجلس الأمن تحديد أسماء المعرقلين ودائماً ما يشكل لجنة خاصة تقوم هي بتحديدهم والرفع بتقريرها للمجلس للمصادقة على تنفيذ العقوبات ضدهم.
اللعب على الوتر الحساس
ونوه بالقول: «من الطبيعي أن يوجد هناك من سيحاول اللعب على هذا الوتر الحساس بغرض تخويف اليمنيين، عبر استجرار التجربة العراقية المريرة»، وتابع: «وفي اعتقادي أن معظم من سيقوم بذلك، هم بطبيعة الحال أولئك المتخوفون الذين يدركون أو يشعرون أن العقوبات الدولية ستطالهم باعتبارهم معيقين أو معرقلين لمسار العملية السياسية في المرحلة القادمة، ومن يرتبط بهم، إلى جانب أولئك الذين يستخدمون العنف لتحقيق مآرب وأهداف سياسية، أو الذين يواصلون تدمير البنية التحتية والخدماتية في اليمن».
وأضاف «إلا أن الحقيقة ليس كما يروج لها هؤلاء، بل هي كما أوضحناها على النحو السابق».
وفي السياق، أوضح أن القرار في هذه المسألة «لا يقتصر تطبقيه فقط على المعيقين والمعرقلين من النظام السابق، والمرتبطين بهم، بل أنه ينطبق على أي شخص أو جهة ستعمل أو ستمارس إعاقة أو عرقلة أو تستخدم العنف أو أي من تلك الأعمال المذكورة ضمن المعايير الخاصة بالمعيقين والمعرقلين».
مصلحة اليمن العليا
وإذ أشار بهذا الخصوص إلى أن القرار والعقوبات الواردة فيه من الواضح أنه توخى مصلحة اليمن العليا، وسعى للانتصار لهيبة الدولة بغرض بسط نفوذها وفرض سيطرتها الأمنية، أكد أن الإشارة إلى الفصل السابع هنا جاء لفرض إلزامية تنفيذ العقوبات من كافة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بقوة القانون الدولي.
وفيما يتعلق بحذف وعدم تحديد أسماء المعرقلين الرئيسيين المعروفين، رغم علم المجلس بهم، عطفا على تقارير وإحاطات سابقة رفعها إلى المجلس تباعا مساعد الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الخاص إلى اليمن، جمال بنعمر؟ قال: «عمليا وكما هو معروف فإن مجلس الأمن الدولي لا يحدد الأسماء، وإنما يقوم بتشكيل لجنة خاصة مهمتها التقصي وتحديد الأسماء والعقوبات اللازمة، وهذا ما حدث اليوم (الأربعاء) حين شكل المجلس لجنة العقوبات بموجب القرار الصادر من مجلس الأمن بهذا الخصوص، وهي مكلفة بتحديد أسماء المعرقلين والرفع للمجلس بهم مع تقديم توصياتها بطبيعة العقوبات الواجب اتخاذها بحقهم على أساس ما حدده القرار نفسه».
القرار حسم الجدل بشأن ولاية الرئيس هادي وحدود الفترة الانتقالية وحدد أولويات المرحلة القادمة وطبيعتها وربطها بمهام واضحة ومحددة.
وأضاف «ولهذا كما أسلفت فقد شكل مجلس الأمن لجنة العقوبات للقيام بهذا الدور، بل لم يكتفي بذلك فقط، وانما سمى العقوبات وحدد طبيعتها في قراره بشكل واضح بتجميد الأموال والمنع من السفر، مع تحديد المعايير للأشخاص أو الجهات الذين يجب إدراجهم كمعرقلين وتنفيذ تلك العقوبات ضدهم، وكل من يرتبط بهم من اشخاص وكيانات».
وحدد قرار مجلس الأمن رقم (2140) لسنة 2014، الذي تم التصويت عليه مساء الأربعاء (26 فبراير) المعايير الخاصة بصفة «معرقل»، بحيث تشمل كل من يعيق أو يعرقل نجاح عملية الانتقال السياسي طبقا لما نصت عليه المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، وكل من يثبت عرقلته تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، من خلال ممارسة العنف والقيام بهجمات على البنية التحتية أو الأعمال الإرهابية أو التخطيط أو التوجيه أو القيام بأعمال تنتهك القانون الدولي لحقوق الإنسان أو القانوني الدولي الإنساني النافذ، أو الأعمال التي تشكل انتهاكات لحقوق الإنسان في اليمن، أو يعتدي على البنية التحتية من تدمير أنابيب النفط وخطوط الكهرباء.
ونوه الخبير الأممي إلى أن مهمة اللجنة حددها القرار بـ13 شهرا فقط، وهي فترة قصيرة، ما يفرض عليها البدء بعملها بشكل عاجل وإصدار قراراتها سريعا للحفاظ على سلامة مسار العملية السياسية في اليمن، حيث وأنها مازالت تحاط بمخاطر كبيرة، أمنية واقتصادية بشكل خاص.
وأورد مجموعة مكتسبات لليمن واليمنيين تضمنها القرار الدولي الأخير. وأعتبر أن أحد أهم ما تضمنه القرار هو إشارته بشكل صريح إلى أن العملية السياسية في اليمن تتطلب طي صفحة عهد الرئيس السابق علي عبد الله صالح. وقال انه ليست مسألة سهلة «الربط بين صالح ونجاح أو فشل العملية السياسية في البلاد»، ما يعني ضمنا أن المجتمع الدولي يدرك تماما أن بقاء صالح ونظامه السابق قويا من شأنه أن يعرقل مسار تنفيذ العملية السياسية.
وأضاف: «إلى جانب ذلك، فإن هذا بحد ذاته يعتبر إشارة ضمنية لأحد الأطراف المعرقلة في حال واصل انتهاج سياسات من شأنها أن تعمل على إعاقة عملية التغيير التي خرج الشعب اليمني وضحى الشباب لأجلها».
كما اشار إلى ميزة أخرى تضمنها القرار الدولي، كونه حسم الجدل الدائر بشأن الفترة الانتقالية وحدودها، حيث أكد القرار بوضوح أن ولاية الرئيس هادي تنتهي «بعد عملية تنصيب الرئيس المنتخب طبقاً للدستور الجديد»، في الوقت الذي حدد فيه أولويات المرحلة القادمة، أو ما يمكن أن يطلق عليها بالخارطة السياسية لأولويات المرحلة القادمة.
وحدد قرار مجلس الأمن تلك الأولويات بـ: «صياغة دستور جديد في اليمن؛ الإصلاح الانتخابي بما في ذلك صياغة واعتماد قانون انتخابي جديد بما يتفق مع الدستور الجديد؛ إجراء الاستفتاء على مشروع الدستور، بما في ذلك التوعية المناسبة؛ وإصلاح شكل الدولة والإعداد لانتقال اليمن من نظام الوحدة الاندماجية إلى النظام الفيدرالي؛ وإجراء انتخابات عامة في وقتها، والتي عندها تنتهي ولاية الرئيس هادي بعد عملية تنصيب الرئيس المنتخب طبقاً للدستور الجديد».
القرار طالب الحكومة اليمنية التسريع بتشكيل لجنة للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان خلال 2011 وإجراء تحقيقات نزيهة وشفافة وفقا للمعايير الدولية ما يعني أنه ألغى أو لم يعترف بالحصانة الممنوحة لقادة النظام السابق.
وفي السياق أيضا، أشار المصدر إلى أنجاز آخر تضمنه قرار مجلس الأمن الدولي الأخير (2140)، هو: مطالبته الحكومة اليمنية باتخاذ الخطوات اللازمة لإنشاء لجنة للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان في العام 2011 وبحيث تكون التحقيقات شفافة وحيادية وتلتزم بالمعايير الدولية طبقاً لقرار مجلس حقوق الإنسان 19/29، كما دعا الحكومة اليمنية إلى تقديم إطار زمني عاجل بشأن تسمية أعضاء اللجنة.
وأعتبر أن هذا يعني ضمنا عدم اعتراف المجلس والمجتمع الدولي بقانون الحصانة المقر من قبل مجلس النواب اليمني، ومنح قادة النظام السابق فرصة للإفلات من العقاب.
وبشأن عمل لجنة العقوبات، أكد أن اللجنة ستشرع - مع لجنة الخبراء الأربعة - في اقرب وقت ممكن البدء بمهامها، حيث ستبدأ بتقصي الحقائق وتجميع المعلومات والأدلة، بالتعاون مع الدول وهيئات الأمم المتحدة ذات العلاقة والمنظمات الإقليمية والأطراف الأخرى المهتمة بموضوع تطبيق الإجراءات المحددة في القرار، لاسيما الأحداث التي تعيق عملية الانتقال السياسي.
وبموجب القرار الدولي، يفترض أن ترفع لجنة الخبراء تقاريرها إلى مجلس الأمن، بعد مناقشتها وإقرارها مع لجنة العقوبات، طبقا للفترات الزمنية المحددة بقرار المجلس، وهي: تقرير أولي في 25 يونيو القادم، ثم تقرير نصفي في 25 سبتمبر، وتقرير ختامي في 25 فبراير 2015.
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط
https://telegram.me/alyompress
اقرأ ايضا :
اضف تعليقك على الفيس بوك