ثمّة خانات فارغة كثيرة في سيرة مستشرف الزلزال الأشدّ كارثية في تاريخ سورية وتركيا الحديث؛ ففرانك هوغيربيتس، على عكس ما يظنّ كثيرون، لا يحمل درجة علميّة، ويعمل بدافع الشغف وحسب، وطروحاته مرفوضة من سواد المجامع العلمية المعتمدة، إلى حد وصم كل تغريداته على "تويتر" بإشارة تحذير سندُها مؤسسات مرموقة، مثل هيئة المسح الجيولوجي الأميركية وجامعة هارفارد؛ ولا يقابَل باحتفاء أيضًا في الصحافة المركزية (Mainstream)، إلى حدّ وصفه تارة بـ"متصوف الزلازل"، وتارة أخرى بـ"المنجّم"، وليست واضحة مصادر تمويله، ودوافع عمله غير الهادف إلى الربح إلا من لافتة "تبرّعات" طوعية في إحدى حواشي موقع الشركة التي يديرها (SSGEOS). لكن، كأي نذير خافت لا ندركه وسط صخب الحياة اليومي قبيل كلّ كارثة، تمكّن هذا الرجل من توقّع عدّة زلازل كبرى سابقة عبر العالم، أبرزها زلزالا ألاسكا (الولايات المتحدة)، وجزر البونين (اليابان)، في مايو/أيار 2015، وزلزال نيبال الذي أودى بحياة 8800 إنسان قبل ذلك بشهر، وزلزال الإكوادور في فبراير/شباط 2019.
إذًا، أيّ فيزياء وراء توقّعاته؟ لماذا يرفضها علماء الفلك والجيولوجيا على حد سواء؟ ولماذا لم نسمع به من قبل؟
ما منطق فرضية هوغيربيتس؟
يقرّ هوغيربيتس بأن عمله لا يستند إلى نظرية مثبتة علميًّا، وإنما إلى افتراض مفاده أن التقاء كوكب الأرض في خط مستقيم مع أجرام سماوية أخرى في المجموعة الشمسية يولّد مجالًا كهرومغناطيسيًّا من شأنه أن يؤثر على قشرة الأرض، ويحفّز لحظة انفجار الزلازل عبر الصدوع الموزّعة على امتداد الجغرافيا الأرضية.
هنالك نوعان من هذا التوازي الأرضي-الكوكبي: الأوّل يسمّيه هوغيربيتس: "الهندسة الكوكبية المؤثّرة"، وذلك عندما تلتقي مجموعة كواكب، من بينها الأرض، في خطوط مستقيمة، أو شبه مستقيمة، عبر المجموعة الشمسية؛ بينما يسمّي الثاني: "الهندسة القمرية المؤثرة"، أي عندما يتداخل القمر في هذا التلاقي. يركّز هوغيربيتس هنا على مفردة "التزامن"، التي نقرأها كثيرًا في ردّه على منتقديه في وسائل التواصل؛ أي أن تتعدد الخطوط المستقيمة بين الكواكب في المجموعة الشمسية في اللحظة ذاتها، مؤلّفة شكلًا هندسيًّا ما مع الأرض، كما نرى في الصورة أدناه.
بمعنى آخر، يحتاج كل كوكب إلى تلك "القوة الدافعة" من الكواكب المحيطة به حتى يبقى في مساره. وهذا يعني، كما يستنتج هوغيربيتس في الورقة الوحيدة المكتوبة له على الإنترنت، أن كل مسافة بين جسمين سماويين "هي في الواقع خيط من صوت أو رنين مميز"، وأن "كل الأجسام السماوية في تناغم بعضها مع بعضها"، لكن ضمن نمط "متذبذب" يعلو ويخفت؛ ما يعني أن حدوث "اقترانات معيّنة بين أجرام المجموعة الشمسية قد يترتب عليه تضخيم للنغمات، وهو ما قد يؤثر بدوره على (الأجرام) المشمولة" ضمن ذلك الاقتران.
من هذا "التضخيم في النغمات"، يتألف المجال الكهرومغناطيسي، الذي يرى هوغيربيتس أنه "قد يؤثر على قشرة الأرض، ويصبح السبب في الزلازل الكبيرة".
ما الدليل الذي استند إليه؟
كلّ هذا النقاش، كما يقرّ هوغيربيتس نفسه، يظلّ في نطاق الافتراض، بالنظر إلى أنه يفتقد إلى الدليل الفيزيائي الملموس حول أثر ذلك "التضخيم في نغمات" الكواكب على قشرة الأرض. الدليل الوحيد الذي يقدّمه الباحث الهولندي هنا هو أن هذه الهندسة الكوكبية المتناغمة كانت عاملًا مشترَكًا بين الكثير من الزلازل السابقة عبر التاريخ.
أوّل خيط استدلال عثر عليه الباحث المذكور في هذا الاتجاه كان في 23 يونيو/حزيران 2014، عندما ضربت 3 زلازل، بدرجة 6 على مقياس ريختر، قاع المحيط الهادئ جنوبَه، ولحقتها ثلاث أخرى إلى الشمال منه، وصل إعلاها إلى 7.9 درجات على مقياس ريختر- وكلّ ذلك في بضع ساعات. وجد هوغيربيتس في حينها أن 6 أجرام سماوية كانت في حالة اقتران كوكبي عشية وقوع الزلازل الستة.
طوّر هوغيربيتس بعد ذلك برنامجًا حسابيًّا، بالاستناد إلى قانون كيبلر الثالث القائل بأن "مربع فترة دوران أي كوكب يتناسب مع مكعب نصف القطر الرئيسي لمداره". من خلال هذا البرنامج، الذي يسميه على موقعه Solpage ويرفض أي استخدام تجاري له، يستطيع الباحث الهولندي السفر مئات الأعوام إلى الوراء، أو إلى المستقبل، ليرى وضعية الكواكب في الفضاء وفق حسابات دورانها الدقيقة؛ والنتائج تظهر، كما يقول عبر موقع شركته، في غضون ثوانٍ فقط.
ضمن هذه المعادلة، عاد الباحث ليرى هندسة الكواكب قبيل التواريخ التي شهدت زلازل كبرى، ومن ضمنها، على سبيل المثال، زلزال الإكوادور عام 1906 (8.8 درجات)، زلزال كامتشاتكا عام 1952 (9 درجات)، زلزال سومطرة عام 2012 (8.4)، ووجد أنّ اقترانات الكواكب تتكرر فيها بشكل منتظم.
ما "الشريط البنفسجي" الذي يظهر كنطاق محتمل لزلزال قادم؟
هنا لا بدّ من العودة إلى عامل الشحن الكهرومغناطيسي الذي يحدثه الاقتران الكوكبي على غلاف كوكب الأرض. هذا الشريط البنفسي يشمل، في الواقع، مناطق تقلّبات الغلاف الجوّي (atmospheric fluctuations) التي يرصدها هوغيربيتس في غلاف الأرض، والتي يرى أنّها ناتجة عن موجات الشحن الكهرومغناطيسي تلك. وقد يمتدّ هذا الشريط بشكل طولي على اتساع قارتين، أو أحيانًا على طول المحيط ومناطق محدودة من اليابسة، أي أنه لا يتمركز فوق منطقة بعينها.
كيف توقّع إذاً موقع زلزال تركيا وسورية على وجه الدقة؟
كما نعلم، تحدث الزلازل عندما تفرّغ الصدوع الأرضية المتقابلة الضغط المتراكم من التقائها عبر عقود طويلة. على هذا النحو، حدّد العلماء مواقع الصدوع أو الفوالق الزلزالية على امتداد قشرة الأرض، وقدّروا أحيانًا، بالاستناد إلى تاريخ الزلازل فيها، النطاق الزمني الذي قد تتكرر فيه الزلازل في كلّ منطقة صدعية.
تبعًا لذلك، لا يستند هوغيربيتس فقط إلى الاقتران الكوكبي، وتقلّبات الغلاف الجوي التي يحدثها، في توقع الزلازل، بل أيضًا، كما نقرأ على موقع SSGEOS، إلى البيانات الوصفيّة الأخرى حول مواقع الصفائح التكتونية، وحجم الضغط المختزن فيها (أي الفترة الزمنية التي لم تشهد خلالها زلزالًا بالتناسب مع المتوسط الزمني لحدوث زلزال في المنطقة).
في آخر مقطع فيديو نشره هوغيربيتس قبل الزلزال المفجع، لم يكن شريط التقلّبات المناخية يمرّ مباشرة فوق مركز الزلزال في تركيا، وإنما إلى الغرب قليلًا، بين إيطاليا وليبيا. يردّد الباحث إيّاه عادة في تقديراته أن الزلزال قد لا يقع بالضرورة داخل نطاق الشريط البنفسجي، وإنما قد ينزاح قليلًا شرقًا أو غربًا. بعد هذا الفيديو بيوم واحد، نشر هوغيربيتس تدوينته الشهيرة حول زلزال يفوق السبع درجات يشمل تركيا وسورية وجوارهما. استنادًا إلى ما سبق، من الواضح أن الأخير استبق الحدث بالاستناد إلى حجم الإجهاد بين صفيحة الأناضول والصفيحة العربية، التي شهدت زلزالًا مماثلًا قبل نحو مئة عام تقريبًا.
يعمد بعض الباحثين إلى اتهام هوغيربيتس باستخدام أسلوب المنجّمين، أي إطلاق تكهّنات معمّمة قد تحدث في أي لحظة على غرار قارئي الأبراج
يمكن أن نستنتج أيضًا من منشوره بعد الزلزال أنه اعتمد على قرينة أخرى، حين كتب أنه "على غرار سنوات 115 و526، هذه الزلازل تسبقها دائمًا هندسة كوكبية مؤثرة كمثل تلك التي شهدناها بين الرابع والخامس من فبراير/شباط". بمعنى آخر، من الوارد أن هوغيربيتس راجع تاريخ التقاء الكواكب الذي رصده قبيل الزلزال ووجد تطابقًا بينها وبين الزلزالين الكبيرين اللذين وقعا في تركيا في العامين المذكورين.
كيف يقدّر الباحث قوّة الزلزال سلفاً؟
بالاستناد إلى أبحاثه، يمكن القول إن تقدير قوّة الزلازل يعود إلى ثلاثة مؤثرات رئيسية: أولًا عدد الاقترانات الكوكبية في اللحظة ذاتها (مثلًا، إن كانت الشمس والقمر والأرض على خطّ مستقيم فهذا اقتران، وإذا كان زحل وعطارد ونبتون على خط واحد متعامد مع الأول، فهذا اقتران آخر)؛ ثانياً تداخل القمر في الاقتران؛ ثالثاً تداخل كوكب المشتري. يعتبر القمر والمشترى مؤثرين للغاية، وفقًا لأبحاث هوغيربيتس، الأول بالنظر إلى قربه من الأرض، والثاني بالنظر إلى رصده في كثير من الاقترانات الكوكبية التي تسبق أكبر الزلازل في التاريخ.
بكلمات أخرى، الرياضيات المعقدة وراء تخمين قوة الزلزال تشمل نسبة تداخل العوامل السابقة مجتمعة (عدد الاقترانات، القمر، المشتري)، بالإضافة إلى تاريخ الإجهاد الزلزالي في منطقته المنظورة.
لماذا لم نسمع عن الباحث سابقاً؟
في الحقيقة، منذ الفيديو الأول الذي نشره هوغيربيتس على الإنترنت حظي الرجل بانتشار واسع؛ إذ حاز مليون ونصف المليون مشاهدة في غضون أيام. كان ذلك قبيل زلزال ألاسكا في 2015، الذي، كما ذكرنا، نجح في توقعه، وإن ابتعدت تقديراته قليلًا عن الشدة الفعلية للزلزال، بعدما حذّر من هزة تطاول 8 درجات، لكنها جاءت أقل من 7 درجات بقليل.
ظلّ هوغيربيتس يعمل بعدها في إطار منصّة سمّاها "ديتريانوم"، لكن الظاهر أنها أغلقت في فترة ما بين 2021 و2022، بعدما اجتمعت وسائل التواصل الاجتماعي الرئيسية على حظر صفحاته؛ قبل أن تعود الشركة في التاسع من نوفمبر/تشرين الثاني 2022 بالاسم الجديد الذي نعرفه عنها SSGEOS، وبحسابات جديدة على الشبكة، محذّرة من زلزال كبير جديد في اليومين المقبلين؛ وهو ما حدث بالفعل قرب جزر فيجي، جنوب المحيط الهادئ.
رغم ذلك، ظلّت الحسابات المتعلّقة بالشركة ومؤسسها تحت الرقابة والتضييق، حتى بعد وقت قصير من عودتها.
لماذا يرفض المجتمع العلمي كلّ ذلك؟
ثمّة اعتقاد بأن الاحتجاج على فرضيات هوغيربيتس قادم من علماء الجيولوجيا الذين يغفلون الأثر الفلكي على مسطّحنا الأرضي؛ لكن الحقيقة أن علماء الفلك أنفسهم أيضًا يشاركون الجيولوجيين الموقف ذاته. وبالمجمل، يمكن أن نحدد ثلاثة أسباب لهذا الرفض:
أوّلًا، يجمع علماء الفلك، كما نقرأ في مادة على موقع "ناسا" مثلًا، على أنه ليس للكواكب أي تأثير كهرومغناطيسي على الأرض، وأن التأثير الوحيد الذي يمكن أن تحدثه هو عبر جاذبيتها؛ لكنه تأثير لا يُذكر، حتى لو اصطفّت كل كواكب المجموعة الشمسية في خط مستقيم مع الأرض. ويستند العلماء في ذلك إلى قانون نيوتن؛ إذ بعمليّة حسابية بسيطة، نجد أن جاذبية كوكب الزهرة مثلًا، وهو الأقرب إلى الأرض من جهة الشمس، هي أقلّ بأكثر من 100 مرة من جاذبية القمر، وبأكثر من عشرة آلاف مرة من جاذبية الشمس، علمًا أن أقصى تأثير تحدثه الشمس والقمر على الأرض هو ظاهرة المد والجزر.
حتى قبيل زلزال تركيا، نلاحظ أن هوغيربيتس لم يحدد التوقيت، وكتب في منشوره "عاجلاً أم آجلاً"، وهو ما كان يردّده أيضاً علماء الجيولوجيا لدى إشارتهم إلى منطقة صدع الأناضول
ثانيًا، الأدلة التي يسوقها الباحث الهولندي حول تكرار ظواهر الهندسة الكوكبية في الزلازل، تُرى في العلوم التطبيقية الحديثة "أدلة ظرفية"، بينما ما تقتضيه المجاميع العلمية لقبول أي فرضية هو الدليل العملي التجريبي. يشبه هذا، بشكل أو بآخر، مفهوم "الدليل القاطع" في علم الجرائم؛ إذ إن السوابق والأسباب الظنية وحدها لا تكفي لإصدار التهمة، والإدانة تبقى محصورة في الاعتراف أو إيجاد دليل إدانة مباشر.
ثالثًا، أن هوغيربيتس لا يلبّي محددات التوقع العلمية الثلاثة، كما تعيّنها هيئة المسح الجيولوجي الأميركية: التوقيت، والمكان، والشدة. نلاحظ أن الأخير في نشراته يعيّن شرائط بنفسجية عدّة خلال العرض، أحيانًا تمتد من شمال الأرض إلى جنوبها، ثمّ لا يستثني في الشرح إمكانية حدوث الزلزال المنظور خارج حدود هذا الشريط، من دون أن يرسم حدًّا أقصى لـ"مسافة الخطأ" تلك. حتى قبيل زلزال تركيا، نلاحظ أن هوغيربيتس لم يحدد التوقيت، وكتب في منشوره "عاجلًا أم آجلًا"، وهو ما كان يردّده أيضًا علماء الجيولوجيا لدى إشارتهم إلى منطقة التقاء صدع الأناضول بالصدع العربي، بالنظر إلى أنها تخزن طاقة منذ نحو قرن.
ذلك ما دفع بعض الباحثين، مثل سوزان هوغ، من هيئة المسح الجيولوجي الأميركية، إلى وصم هوغيربيتس باستخدام أسلوب المنجّمين، أي إطلاق تكهّنات معمّمة قد تحدث في أي لحظة على غرار قارئي الأبراج: "حتى الساعة المتوقفة تصيب مرتين في اليوم"، تقول هوغ.
من ناحية أخرى، فإن النطاق البنفسجي الواسع، ذا الحدود المموهة، الذي يرسمه هوغيربيتس لاحتمال وقوع زلزال ما، قد يدخل ملايين السكان حول الكوكب في حالة ذعر، وهذا قد يصبح معطّلًا للحياة بالنظر إلى أن نشراته تتكرر مرتين في الأسبوع على الأقل- رغم أنه يحرص على تجنب الحديث بيقينية، ويستخدم كثيرًا عبارات الشك والتخمين: "ربما، قد، هنالك احتمال ما..".
هل من أبحاث سابقة تدعم ادعاءات الباحث الهولندي؟
هنالك أبحاث قليلة جدًّا في هذا الإطار، أحدثها لبروفيسور الجيوكيمياء في جامعة بغداد صالح محمود عوض، وقد نشره في مجلة Journal of Coastal Conservation المحكّمة، والصادرة عن دار النشر الألمانية المرموقة "شبيرنغر". لكن بخلاف هوغيربيتس، يرجح عوض أن جاذبية الكواكب لا الشحنات الكهرومغناطيسية هي التي تسبب الزلازل.
يستند العالم العراقي في استنتاجه إلى قرينتين: أوّلًا، حقيقة تأثير جاذبية الشمس والقمر على ارتفاع/انخفاض منسوب المد والجزر في البحار، بالنظر إلى أن منسوب المد يرتفع حينما يكون القمر في خط مستقيم مع الأرض، وبالتالي يكون تأثير جاذبيته في حدوده القصوى.
ثانيًا، أن الأرض، وفق قياسات علمية، تتباطأ أثناء دورانها في المدار بنسب مختلفة. هذا التباطؤ، كما يرى الباحث، يحدث بتأثير من جاذبية الكواكب الأخرى حينما تكون في خط مستقيم مع الأرض. وحينما تدور الأرض بسرعة أقل، يزيد الجهد على الصفائح التكتونية في أفلاق الزلازل، ما يسبب الهزات الأرضية.
للتدليل على ذلك، درس الباحث العراقي هندسة الكواكب في يوليو/تموز 2019، حينما شهدت الأرض طفرة زلزالية بواقع 1073 هزّة أرضية بين 2-6 على مقياس ريختر، ووجد أن الأرض في حينها كانت متوازية مع كوكبي المشتري وزحل من جانب، ومع الشمس من جانب آخر. أيضاً، وجد العالم العراقي أن سرعة دوران الأرض كانت مختلفة عن طبيعتها في 8 حوادث زلزالية. زيادة على ذلك، فحص الباحث هذه العلاقة في أكبر عشرين زلالًا شهدتها الأرض منذ عام 1900، ووجد أنه في 16 منها كانت الأرض على خط مستقيم مع كواكب أخرى.
لماذا والخوارزميات تطوّق حياتنا من كل جانب، وتتوقّع حتى أنماط البشر السلوكية وقراراتهم المستقبلية، لا تطوّر مراكز الأبحاث خوارزميات توقع مماثلة ببيانات تشمل تواريخ الزلازل، وهندسة الكواكب المرافقة، والحالة الجيولوجية للصفائح التكتونية؟
ورغم أن علماء آخرين -كما نقرأ مثلًا في حديث قريب لعالم زلازل أسترالي لمجلة "نيوزويك"- يؤكدون أن جاذبية طائرة في الجو أكثر تأثيرًا على الأرض من جاذبية كوكب بعيد، فإن الباحث العراقي لم يغفل هذا المتغيّر أيضاً، إذ أدخل إلى معادلته جاذبية الأقمار الاصطناعية التي تدور حول الأرض. وهذا استنتاج لافت في الحقيقة، إذ يستدعي السؤال عمّا إذا كانت زيادة الأقمار الاصطناعية في فضائنا أحد أسباب زيادة الزلازل.
أسئلة مفتوحة
لكن أمام هذا النبذ العلمي الصارم الذي تواجهه فرضيات اقتران الكواكب بالزلازل، تبقى ثمّة أسئلة مفتوحة: ماذا لو أن لذلك الأثر "الطفيف" الذي تحدثه جاذبية الكواكب على المجسّم الأرضي أثرًا ما لم ندركه بعد؟ ما الذي يمنع من استلهام كل تلك الإشارات، وتمويل دراسات موسّعة تسبر أي دليل إمبريقي في هذا المبحث؟ أو على الأقل، لماذا والخوارزميات تطوّق حياتنا من كل جانب، وتتوقّع حتى أنماط البشر السلوكية وقراراتهم المستقبلية، لا تطوّر مراكز الأبحاث المعتمدة خوارزميات مماثلة بالاستناد إلى قاعدة بيانات تشمل تواريخ الزلازل، وهندسة الكواكب المرافقة، والحالة الجيولوجية للصفائح التكتونية؟ وهذا ليس بالضرورة لتوقع الزلزال على وجه الدقة، وإنما لزيادة فرص استشراف هذا الفاتك الطبيعي الذي ما زال يمحو ما تعمره أمم بين قرن وآخر.
يُغرِق علماء "المركز" الغربي في مادية المعرفة، متجاهلين ما يختزنه الكون من أسرار كبيرة قد لا ندرك جلّها إلا همسًا، وكذلك مقولةً قديمة لعرّاب العلوم الطبيعية الحديثة ألبيرت أينشتاين- الذي لم يكن ملتزمًا أكاديميًّا بالمناسبة- يوجز فيها أن "الخيال أهم من المعرفة، لأن المعرفة محدودة، بينما يطوق الخيال الوجود".
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط
https://telegram.me/alyompress
اقرأ ايضا :
اضف تعليقك على الفيس بوك