الحكومة اليمنية أمام اشتراطات دولية لوقف التهريب وتعزيز الإيرادات الجمركية

الحكومة اليمنية أمام اشتراطات دولية لوقف التهريب وتعزيز الإيرادات الجمركية
 
تتعرض الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً لضغوط دولية واسعة لتطوير وتوسيع الإصلاحات الاقتصادية والمالية والإدارية بحيث تشمل النظام الجمركي والضريبي ووضع حدٍّ للتهريب وتسرب الموارد العامة. يأتي ذلك في الوقت الذي تواجه فيه الحكومة أزمة مالية خانقة، وصعوبات في الحصول على تمويلات ومنح وقروض خارجية للتعامل مع التزاماتها المالية وتمويل الاستيراد، مع وصول حجم التمويل لطلبات الواردات المُقَرَّة من قبل اللجنة الوطنية الحكومية إلى نحو 700 مليون دولار منذ صدور قرار تنظيم الاستيراد.
 
وعلمت "العربي الجديد" من مصادر مطلعة أن صندوق النقد الدولي وضع في اجتماعه الأخير مع الحكومة اليمنية، الذي استضافته العاصمة الأردنية عمّان، عدة اشتراطات كان قد وضعها في لقاءات سابقة، حيث يطالب بإعادة ترتيب الأولويات بطريقة أفضل، والاستمرار في تسريع الإصلاحات في المالية العامة، بما في ذلك تحسين إدارة الإيرادات، والعمل في الوقت ذاته على تحسين وضبط الإيرادات العامة وتعزيز إعادة ترتيب أولويات الإنفاق والرقابة عليه.
 
ويتطلب ذلك إصلاح وتطوير النظام الجمركي وضبط عمل المنافذ الجمركية البرية والبحرية وتوحيد عملها وربطها بنظام جمركي موحّد ومتصل بالبنك المركزي اليمني، وإصلاح النظام المالي، وتعزيز الامتثال مع المعايير الدولية، ومنها معايير مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والتشريعات المحلية، والتي من شأنها تيسير ممارسة التجارة وحوالات المغتربين، وكلاهما يمثل شريان الحياة الرئيسي للشعب اليمني، أو التعامل مع التمويلات والمساعدات الخارجية. وفي إشارة واضحة إلى مخرجات اجتماع عمّان مع صندوق النقد الدولي، شهدت عدن، المتخذة عاصمة مؤقتة من قبل الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، أكثر من اجتماع رسمي لمناقشة وضعية النظام الجمركي والإجراءات المتعلقة بضبط المنافذ الجمركية والتهريب.
 
وتم رصد عقد اجتماع موسع وطارئ للوقوف على عمل وأداء مصلحة الجمارك وضعف تنفيذها لقرارات الحكومة الخاصة باللجنة الوطنية لتنظيم وتمويل الواردات، حيث أقرّ الاجتماع، الذي حضره رئيس غرفة عدن التجارية والصناعية أبوبكر باعبيد وممثلون عن اللجنة الوطنية في البنك المركزي اليمني والمستوردون ونقابة المخلصين الجمركيين، تسهيل دخول البضائع العالقة التي تم استيرادها قبل قرار اللجنة، وذلك بالتنسيق مع الغرفة التجارية، مع الالتزام مستقبلاً باستخراج تصاريح مسبقة من لجنة الواردات لأي عملية استيراد جديدة، بما يسهم في تعزيز الانضباط والشفافية في حركة التجارة.
 
وتؤكد مصلحة الجمارك أنها ستعمل على تذليل الصعوبات التي تواجه التجار والمستوردين، والعمل جنباً إلى جنب مع الجهات ذات العلاقة لتنفيذ قرار تنظيم الواردات بما يحافظ على المصلحة العامة ويخدم استقرار السوق. في حين يشدد البنك المركزي اليمني على أن الآلية المعتمدة لتنظيم الاستيراد وضعت بمشاركة التجار والمستوردين والبنوك التجارية، كما أن التسهيلات تسري على البضائع التي تم التعاقد عليها قبل 10 أغسطس/آب الماضي، مع معالجة الإشكالات لكل حالة على حدة.
 
 
وكان هذا الموضوع محور آخر اجتماع عقدته اللجنة الوطنية الحكومية للواردات منتصف الأسبوع، وهو أول اجتماع يُعقد بعد مشاورات عمّان مع صندوق النقد، حيث طالبت بتنفيذ قراراتها لمعالجة الاختلالات في المنافذ الجمركية، وضرورة الالتزام بالتطبيق الصارم للآلية التنفيذية في التعامل مع طلبات تمويل الاستيراد في مختلف المنافذ لما فيه خدمة الصالح العام والحفاظ على تعاون المجتمع الدولي في تسهيل انسيابية سلاسل الإمداد والتحويلات المالية بين اليمن والعالم الخارجي.
 
الأهم في هذا الخصوص أن اللجنة تطرقت لأول مرة لقضية التهريب، حيث أكدت أنها، وبالتعاون مع جميع مؤسسات الدولة وبدعم من مجلس القيادة الرئاسي والحكومة، ستقدم كل الدعم والتسهيلات للمؤسسات التي تلتزم بالقوانين والأنظمة، كاشفة عن عدم تساهلها، وبدعم من جميع السلطات وبالتعاون مع المجتمع الإقليمي والدولي، مع من يحاول اتباع طرق التهريب والغش والتدليس.
 
وقال أستاذ المالية والمصارف في كلية الاقتصاد والعلوم بجامعة عدن، هيثم جواس، لـ"العربي الجديد"، إن على الحكومة رفع كفاءة تحصيل الموارد الضريبية والجمركية والرسوم وحصتها من فائض أرباح المؤسسات والصناديق المستقلة، بالتزامن مع استكمال الإصلاحات للحصول على دعم الأشقاء والمنظمات الدولية، إذ لا يمكن كسب ثقة المجتمع الدولي والمانحين إلا بسد العديد من الثغرات التي تتسبب في تسرب الإيرادات العامة.
 
وأضاف أن إجراءات كهذه تسهم في تحسين الأوعية الإيرادية وإصلاح النظام الجمركي وضبط المنافذ هي ضرورة ملحة في الوقت الراهن، بهدف إعطاء زخم للإصلاحات المنفذة، ولكي لا تتحول هذه الإصلاحات إلى أزمة في حال استمرت الحكومة في تنفيذ خطتها دون تجزئة للحلول، وما تقوم به الآن كان يستوجب أن تقوم به منذ سنوات.
 
الخبير محمد الكسادي، أستاذ الاقتصاد في جامعة حضرموت، رأى في حديثه لـ"العربي الجديد" أن الحكومة تعاني من عجز مزمن في الموازنة العامة للدولة، ومطالب صندوق النقد واضحة ومحددة، وهي نفسها من عام لآخر بغض النظر عن نوعية الاجتماعات المنعقدة بين الصندوق والحكومة، وتتمثل في ضرورة معالجة العجز المالي، لذا المطلوب من الحكومة تحسين كفاءة الإيرادات والتركيز على الإيرادات الضريبية والجمركية.
 
وكان المستشار الاقتصادي في رئاسة الجمهورية فارس النجار قد أكد لـ"العربي الجديد" في هذا السياق ضرورة كسر حلقة التهريب وتفعيل القوانين النافذة من الجهات الحكومية المعنية، كما أنه لا يمكن ضبط التهريب إلا بتعاون الأجهزة الأمنية، مشدداً على أهمية المضي في تحرير الدولار الجمركي لما له من فائدة عامة في تعزيز واستعادة الإيرادات الجمركية والضريبية التي كانت تصل إلى ما يقارب تريليون ريال يمني.
 
 
وتشكل قيمة فاتورة الواردات، حسب تقديرات صندوق النقد الدولي والبنك المركزي اليمني، ما يقارب 11.5 مليار وحتى 14 مليار دولار، في حين أن ما تحصل عليه اليمن من النقد الأجنبي لا يتجاوز 8 مليارات دولار من حوالات المغتربين، والتي تعدّ الرقم الأكبر بنسبة 40%، أو من الصادرات غير نفطية أو المساعدات والتمويلات الخارجية، لذا كانت الفجوة كبيرة بين ما تحتاجه البلاد وما هو متوفر من نقد أجنبي، إذ كانت هذه الفجوة تصل عند تصدير النفط الخام إلى نحو 2.2 مليار دولار، وبعد التوقف عن التصدير وصلت إلى 4.4 مليارات دولار.
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط https://telegram.me/alyompress


اقرأ ايضا :
< صرف الريال اليمني مقابل الدولار والريال السعودي في صنعاء وعدن لليوم السبت
< «اتفاق غزة»... «الاستفزازات» الإسرائيلية تزيد التعقيدات أمام الوسطاء
< تركيا تدعو لاجتماع لتثبيت اتفاق غزة وتتهم نتنياهو بتخريبه
< الحوثيون يعتزمون محاكمة موظفي الأمم المتحدة بتهمة "التورط" في اغتيال حكومتهم
< وزير الخارجية يبحث مع المبعوث الاممي مستجدات الأوضاع في اليمن
< رئيس مجلس القيادة يصل القاهرة بدعوة من الرئيس السيسي للمشاركة في افتتاح المتحف المصري الكبير
< مصادر أميركية: لبنان أضاع فرصة الحل ونتخوف من الأسوأ
اضف تعليقك على الفيس بوك
تعليقك على الخبر

ننبه الى ان التعليقات هنا تعبر عن كاتبها فقط ولا يتبناها الموقع، كما ننبه الى ان التعليقات الجارحة او المسيئة سيتم حذفها من الموقع
اسمك :
ايميلك :
التعليق :
كود التحقق ادخل الحروف التي في الصورة: