كشف نائب الرئيس المصري السابق محمد البرادعي، في الجزء الرابع من حواره مع برنامج "وفي رواية أخرى" على التلفزيون العربي، عن المزيد من التفاصيل حول فض اعتصام رابعة العدوية والمرحلة الانتقالية، إضافة إلى علاقته بالرئيس المعزول محمد مرسي والمؤسسة العسكرية.
وقال البرادعي إن القوى المدنية والشباب لم ترَ نفسها ممثلة في مرسي أو المرشح الرئاسي السابق أحمد شفيق، لذلك قاطع كثيرون الانتخابات الرئاسية عام 2012، لافتاً إلى أن شفيق حاول الاتصال به، لكنه لم يتواصل معه لأنه كان يرفض ما يمثله سياسياً، فأعلن شفيق بعدها أنه لو فاز سيُعين البرادعي مستشار دولة بدرجة رئيس وزراء، وهو نفس ما فعله عمر سليمان، الذي اتصل به مدير مكتبه ليطلب لقاءه، وعرف بعدها من شخص وثيق الصلة به أنه كان يريد تعيينه رئيس وزراء في حال فوزه بالرئاسة.
ووصف البرادعي الفترة الانتقالية بالعبثية، وقال إن المجلس العسكري لم تكن لديه رؤية لكيفية الانتقال من نظام سلطوي إلى نظام ديمقراطي، مشيراً إلى أن المجلس العسكري كان الحاكم الفعلي على الرغم من أنه أصدر قراراً بتشكيل المجلس الاستشاري لمساعدته في إدارة شؤون البلد، واصفاً إياه بالديكور.
وكشف البرادعي في حواره، أنه لم يُعرض عليه أي منصب من قِبل جماعة "الإخوان المسلمين"، واصفاً ما تردد حول عرض "الإخوان" عليه رئاسة الوزراء بالكذب. ووجّه انتقادات لمرسي، "لأنه لم ينفذ وعوده بتعديل لجنة تعديل الدستور"، واصفاً دستور 2012 بأنه "دستور فيه مسحة دينية غير مقبولة"، بسبب احتوائه على مواد تسمح بتدخّل الجهات الدينية مثل المادة 219.
وتحدث البرادعي عن "جبهة الإنقاذ"، قائلاً إن القوات المسلحة لم تُجر أي اتصالات به أثناء عمله في الجبهة، لكنه أوضح أنه يتحدث عن نفسه فقط، مضيفاً أنه قد يكون حدث تواصل مع آخرين في الجبهة. واعتبر أنه لم يكن هناك هدف واحد يجمع مكونات "جبهة الإنقاذ"، لأنها كانت رد فعل تلقائي على إصدار مرسي للإعلان الدستوري، وجمعت أطرافاً مختلفة بعضها محسوب على الثورة وبعضها من الأحزاب الورقية القديمة التي كان لبعضها علاقات بالأجهزة الأمنية، مضيفاً: "هل جزء من هؤلاء كان ما زال يشتغل كما في الماضي مع الأجهزة الأمنية؟ لما أشوف مواقف بعضهم النهاردة أعتقد أنهم دخلوا لوحدهم أو الأجهزة الأمنية بعتتهم".
وأوضح أنه حين تشكّلت "جبهة الإنقاذ" كانت تحمل 4 مطالب بسيطة، هي وزارة تكنوقراط تُعدّ لانتخابات البرلمان، وقانون انتخابات جديد، ونائب عام محايد، وتعديل الدستور، معتبراً أن مرسي لو استجاب لهذه المطالب لاستمر في الحكم حتى الآن. وأضاف البرادعي، أن مرسي لم يستجب أيضاً لوساطة أوروبية لحل الأزمة السياسية في مصر، إذ زار ممثل الاتحاد الأوروبي برناردينو ليون مختلف الأطراف السياسية، وكان في البداية يقول إنه يحزر تقدّماً، قبل أن يفشل ويغادر البلاد بعد أن أبلغه مرسي برفضه أي تعديل في الوزارة، لافتاً إلى أن مرسي كان سيستمر أيضاً بالحكم لو استجاب لهذه المبادرة.
وأكد البرادعي أنه لم يتواصل بأي شكل مع القوات المسلحة قبل أن يتلقى اتصالاً للحضور إلى اجتماع يوم 3 يوليو. وأضاف البرادعي، أن الخطة المبدئية التي كانت القوى المدنية تتصورها حين كانت تدعو لانتخابات مبكرة قبل الثلاثين من يونيو، هي إيجاد فترة انتقالية لستة أشهر وتعديل الدستور، وأن يتولى الرئاسة رئيس المحكمة الدستورية بصلاحيات بروتوكولية، مع رئيس وزراء بصلاحيات كاملة. وأكد أن مصير مرسي لم يكن ضمن هذه الخطة لأنها كانت مبنية على أن مرسي سيوافق عن طريق الضغط الشعبي.
وقال البرادعي إنه عرف باحتجاز مرسي للمرة الأولى حين ذهب إلى اجتماع 3 يوليو، مضيفاً: "كان هدفي في هذا الوقت منع اقتتال أهلي". وكشف أن فكرة الاستفتاء على إجراء انتخابات رئاسية مبكرة طرحها بعض الحاضرين في اجتماع 3 يوليو، بحضور الفريق عبدالفتاح السيسي في ذلك الوقت، مؤكداً أنه رفضها لأن الوقت كان قد تجاوزها.
وأضاف البرادعي أنه بحث مع القوى المدنية والثورية إمكانية خروج مرسي إلى دولة عربية أو إسلامية، وأجرى اتصالاً بكيري للتوسط مع دولة خليجية لاستقبال مرسي خلال فترة انتقالية من 6 أشهر، مؤكداً أنه سعى لمعاملة مرسي باحترام وكرامة، من دون اعتقال أو غيره. واستنكر البرادعي ما حدث بعدها، حين فوجئ بصدور قرار بحبس مرسي أسبوعين على ذمة قضية، كاشفاً أن اتصالاته لتأمين الخروج الآمن لمرسي، وكذلك كل ما فعله بمؤسسة الرئاسة كانت بعلم وموافقة القوات المسلحة.
وكشف نائب الرئيس السابق أنه كان من المفترض أن يتولى منصب رئاسة الوزراء بصلاحيات كاملة، ضمن خارطة الطريق بعد 3 يوليو. وأضاف أن التوافق عليه رئيساً للوزراء تم في اجتماع يوم 6 يوليو صباحاً، بحضور قوى سياسية منها حركة "تمرد"، وعبدالمنعم أبو الفتوح. وروى البرادعي أن الرئيس الانتقالي عدلي منصور دعاه لحلف اليمين، وطلب إعداد مؤتمر صحافي في الرئاسة لإعلان الخبر، لكن قبلها بعشر دقائق جاء اتصال لمنصور من قيادة عليا في المجلس العسكري، ليخبره برفض تلك الخطوة بحجة أن حزب "النور" يعترض. وقال البرادعي إنه قبِل عدم تولي المنصب، حرصاً على وجود حزب "النور" كممثل للإسلاميين معهم، كما أنه فضّل أن يكون بعيداً عن تفاصيل الشؤون المحلية، ويكتفي بمنصب نائب الرئيس.
وكشف تفاصيل المفاوضات قبل فض اعتصام رابعة العدوية، موضحاً أنه تم وضع خطة للتفاوض مع "الإخوان المسلمين"، ضمت 4 أطراف هي الاتحاد الأوروبي، ووزير الخارجية الأميركي جون كيري، ووزيرا خارجية قطر والإمارات. وأضاف البرادعي أن الاتفاق المبدئي اشتمل على أربع نقاط، وهي "تخفيض أعداد المتظاهرين إلى 50 في المائة، وقدوم مفتشين من الخارج للتأكد من خلو أماكن التظاهرات من الأسلحة، وعدم خروج المحتجين من الأماكن المُحددة للتظاهر، ونبذ العنف، وبعدها البدء بحوار سياسي". وقال إن الوسطاء قابلوا خيرت الشاطر في السجن، فقال لهم "لا يمكن التفاوض بين سجان ومسجون"، فتم التوافق على خروج سعد الكتاتني، ورئيس حزب الوسط أبو العلا ماضي، ليبدأ بعدها حوار سياسي تشارك به كل القوى، إلا أن الاتفاق تعرقل بعدم الإفراج عنهما، مشيراً إلى أنه قيل له إن السبب هو إجراءات قضائية، بينما هو يرى أن السبب هو أن مؤسسة في الدولة رفضت خروجهما.
وأكد البرادعي أن كل المفاوضات تمت بعلم وموافقة القوات المسلحة. وأضاف أنه حين حضر اجتماع مجلس الدفاع الوطني، طُرحت أفكار تخص قطع المياه والكهرباء قبل فض رابعة، فقال بوضوح للحاضرين أنه لن يكون جزءاً من هذا الأمر.
وأوضح أنه قرر الاستقالة من منصبه فور علمه بفض رابعة لأنه "لا يستطيع تحمل قطرة دم واحدة". وأكد أن المفاوضات كانت مستمرة حتى ليلة فض رابعة مساء الثلاثاء، وكان هناك تقدم بها، لكنه فوجئ بالفض صباح الأربعاء. أكد أنه "قبل فض رابعة كان ما زال هناك أمل للحل السلمي، وكان يجب بذل مجهود أكبر لمنع الدم".
*العربي الجديد
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط
https://telegram.me/alyompress
اقرأ ايضا :
اضف تعليقك على الفيس بوك