كان الحديث خلال السنوات الثلاث الماضية أن المبادرة الخليجية التي أنهت الصراع القائم في ذلك الوقت بين الأطراف السياسية المختلفة، قد صيغت من اجل الحفاظ على النظام القائم مع تغيير بسيط في بعض المواقع والأشخاص، وبما لا يخل بتركيبة التحالفات القائم عليها النظام (القبلي – العسكري - الديني)، وكان من الواضح أن اللاعب الإقليمي الرئيسي في اليمن وصاحب المبادرة الخليجية المملكة العربية السعودية قد أصرت على حلفائها وفي مقدمتهم على عبدالله صالح وأولاد الأحمر وعلي محسن ومن يقف ورائهم من أحزاب أن يكون الحل بعيدا عن إدخال الحوثيين في تلك التسوية والمتمثلة في المبادرة الخليجية، على الرغم من كون جماعة الحوثي قد أصبحت فاعل رئيسي على الأرض، وبالرغم من نجاح المملكة في فرض أجندتها على التسوية والعملية السياسية ما بعد 2011م، إلا أن الأحداث والتطورات على مستوى المنطقة وتصنيف المملكة لجماعة الإخوان المسلمين باعتبارها جماعة إرهابية، قد انعكس بدوره في سياسة المملكة الخارجية تجاه دعم حلفائها التقليديين في اليمن، وفيما يخص الداخل اليمني كان من الواضح ان جماعة الحوثي قد حددت خطواتها القادمة والكفيلة بفرض سياسة الأمر الواقع على خصومها وتحديدا اللواء على محسن وأولاد الأحمر، وهذا ما كان بالفعل من خلال الحروب التي خاضتها الجماعة خلال الأشهر الماضية والتي كان النصر حليف الجماعة في اغلب مراحلها، وقد شكلت تلك الانتصارات العسكرية دافعا اضافياً للجماعة للمضي في تعزيز نفوذها على الأرض، والبداية بإسقاط معقل ال الأحمر في قبيلة حاشد ومن ثم السيطرة على مدينة عمران، وصولا إلى محاصرة العاصمة صنعاء ومن ثم الانقضاض على مواقع الفرقة الأولى مدرع والتابعة للواء علي محسن الأحمر داخل العاصمة، وأخيراً السيطرة على اغلب المواقع الحيوية المدنية والعسكرية في العاصمة صنعاء.
هذه النجاحات العسكرية المتلاحقة للجماعة جعلت من التسوية السياسية القائمة على المبادرة الخليجية غير قابلة للحياة في ظل واقع مختلف عن ما كان في 2011م، ولتتشكل في ظل الواقع الجديد تسوية تحت مسمى اتفاق السلم والشراكة الوطنية،ومن خلال القراءة الأولى لبنود الاتفاق يتضح ان جماعة الحوثي قد فرضت انتصاراتها العسكرية على مضمون وروح الاتفاق إلى حد ما .
ولذا من الصعوبة القول ان التسوية الجديدة قادرة على الخروج باليمن من نفق الأزمات، وعلى جميع القوى بما فيها جماعة الحوثي ان تدرك ان الاستقرار المنشود وبناء الدولة بحاجة على مؤسسات دستورية منتخبة وليس مؤسسات قائمة على التسويات السياسية.
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط
https://telegram.me/alyompress
اقرأ ايضا :
اضف تعليقك على الفيس بوك