رأس الأخ الرئيس عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية اليوم بدار الرئاسة اجتماعاً ضم مجلس الدفاع الوطني وهيئة مستشاري رئيس الجمهورية بحضور رئيس مجلس النواب الأخ يحيى علي الراعي ورئيس الوزراء المكلف الأخ خالد محفوظ بحاح ونائب رئيس مجلس النواب حمير عبد الله الأحمر ونائب رئيس مجلس الشورى محسن محمد العلفي.
وقف الاجتماع أمام المستجدات على الساحة الوطنية وما تواجهه البلاد من تحديات على مختلف الصعد والدور المناط بالجميع لتجاوزها للنهوض بالبلد إلى المستوى الذي يطمح إليه أبناء الشعب اليمني وحقهم في وطن موحد قائم على العدالة والمساواة يسود فيه الامن والاستقرار.
وفي الاجتماع ألقى الأخ الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية كلمة فيما يلي نصها :
يا أبناء شعبنا اليمني العظيم .. أيها الحاضرون من رجالات الدولة وعماد أمنها واستقرارها .. يسعدني أن أتوجه إليكم بالتهنئة القلبية الصادقة بحلول السنة الهجرية الجديدة راجياً أن تكون سنة سلام ونماء لوطننا الحبيب وأخاطبكم اليوم والوطن يشهد العديد من التغيرات المتسارعة على مسارها السياسي والميداني .. أخاطبكم بكل صراحة وشفافية وأشد على أيديكم أيادي الصبر والصمود وأحيي فيكم القلوب النابضة والواعية التي أدركت واستوعبت أن اليمن لم تكن أبدا بلداً طائفياً ولن نسمح لأي كان بأن يجرها إلى الحروب العبثية تحت أي يافطة تقود لذلك بل كانت على مر العصور مثالاً للتعايش والتسامح فلن يتمايز اليمنيون أبدا فيما بينهم على أساس الدين أو المذهب أو القبيلة أو المنطقة .. بل كانوا دوماً يبحثون عن القواسم المشتركة قبل أن يبحثوا عن الخلافات وأولها حب هذا الوطن والسعي دوماً للحفاظ عليه.
يا أبناء شعبنا اليمني الكريم .. إنما جرى وما يجري اليوم في البلاد لا يسر عدواً ولا صديق ويؤسفني مجدداً أن يحصل كل هذا عبثاً من قبل أطراف كانت شريكة في صياغة مشروع اليمن الجديد المتمثل بمخرجات الحوار الوطني لكنها استغلت الأوضاع الاقتصادية وحاجة الناس ونبل هذا الشعب الكريم الصدوق فظلت هذه القوى مجتمعة أو متفرقة تعمل على افتعال الأزمات والفتن وترهيب الناس وإقلاق للسكينة العامة وتضليل الرأي العام المحلي والخارجي ويعلم الله بأننا صادقين ومعنا كل المخلصين من جميع المكونات السياسية والاجتماعية .. قد واصلنا الليل بالنهار أيام وليال وشهور بلا توقف لتجنيب البلاد هذا الواقع قبل الحوار الوطني وأثناءه وبعده لأننا كنا ولا زلنا حريصين على حماية حلم الشعب في بناء دولة مدنية حديثة دولة اتحادية قائمة على الشراكة الحقيقية والعدالة والمساواة والحكم الرشيد وكنا ولا زلنا نعتقد ان كل ما يجري هو لحرف بوصلتنا جميعاً عن ذلك الحلم وتحملنا في سبيل ذلك كل ما تحملناه من سهام الأصدقاء أحيانا قبل الأعداء ونقول لهم بأننا لن نحيد عن ذلك أبدا وهذا هو عهدنا لشعبنا وبرغم هول الصدمة وحجم الخيبة التي أصابتنا جميعاً بعد أن فرحنا بصدق بالانجاز التاريخي التي تم التوصل إليه بوثيقة مخرجات الحوار الوطني وقبلها بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وما تم التوصل إليه ومن حلول جذرية لكل قضايا الوطن وفي المقدمة منها القضية الجنوبية وقضية صعده إلا إننا مستمرين في العمل بلا كلل ولا ملل لتجنيب وطننا الحبيب مزيداً من الانهيار والدمار وإراقة الدماء .
فلقد حرصنا كل الحرص ولا نزال على تفويت فرص إراقة الدماء اليمنية الغالية دون تمييز أو تحييز وخصوصاً وأن هناك من يسعى لصب الزيت على النار وإشعال حرب أهلية من طاقة إلى طاقة ومن بيت إلى بيت ومن يريد لهذا الشعب أن لا يستقر ويسعى إلى إضعاف الدولة الضعيفة أصلا .. نعم لقد عطلوا الدولة وأجهزتها لأنهم أطرافا أساسية في نظامها السياسي وفي منظومتها الاجتماعية وهاهم اليوم يتباكون بأن الدولة ضعيفة وغائبة ويوكلون الاتهامات المختلفة لغيرهم وهم من أضعفوا الدولة من زمان ..بل وغيبوها لأهداف فئوية وانتقامية ضيقة لا علاقة لها بمطالب الشارع اليمني وأحلامه وهاهم يدخلون البلاد في مدارات جديدة من الأزمات وصراع القوى ليتمكنوا من الانقضاض على ما تبقى من السلطة واستعادة الأمجاد الزائفة.
أيها الشعب اليمني الثائر الصابر .. إنما يحدث اليوم من تمدد مسلح ومواجهات دامية في بعض المحافظات والمديريات من قبل أنصار الله وتحت ذرائع واهية ويافطات مختلفة عملاً لا يمكن فهمه أو قبوله بعد التوقيع على إتفاقية السلم والشراكة الوطنية .. بل إن ما حدث في صنعاء وعمران وقبلها في دماج ومؤتمر الحوار الوطني الشامل ما زال قائماً .. ها هو أمراً لا يمكن فهمه أو قبوله تحت أي مبرر فشعبنا قد أثبت أنه أكثر وعياً من أن تنطلي عليه أي مبررات أو مزاعم بعد أن شاهد ما شاهده من انتهاكات لهذا الاتفاق وقبلها العديد من الاتفاقيات قبل أن يجف حبرها فكيف تحمي مصالح الناس باحتلال المدن بالحرب باقتحام ومداهمة لوزارات وشركات نفطية كيف تسمح لنفسها أي جماعة بأن تدعي ممارسة دور الدولة في بسط الأمن والاستقرار وكيف تسمح لنفسها بأن تتحدث عن سوء النوايا من بقية الأطراف وهي تتقدم عسكرياً في ظل عملية سياسية فيها العديد من الاستحقاقات المتبادلة التي لن تعالج إلا بالحوار السلمي والعمل السياسي الصادق .
لقد أخذت الدولة على عاتقها محاربة تنظيم القاعدة منذ سنوات طويلة ولنا في معارك أبين وشبوة وغيرها من المحافظات خير دليل وهناك إجماع شعبي وإقليمي ودولي بضرورة التعامل بحزم مع هذا التنظيم الذي يهدف إلى تقويض أمن واستقرار بلدنا الحبيب.. لذا لا يحق لأي جماعة شاركت أو تشارك في العمل السياسي أن تحاول لعب دور الدولة عبر استخدام ذريعة محاربة القاعدة لتبرير احتلال محافظات أخرى وتعكير الأمن والسلم المجتمعي فمن يريد ان ينتزع حقه عليه الاحتكام للدولة الشرعية لا شريعة الغاب والانتقام التي تخلط الحابل بالنابل وستؤدي لسفك الدماء لمزيد من اليمنيين الأبرياء وتعزز الفرقة بين أبناء الشعب اليمني الواحد وعلى أسس طائفية ومناطقية وسيكون على حساب أمن واستقرار ووحدة اليمن .. لذا ادعوا جميع أنصار الله إلى سحب جميع مسلحيهم من كل هذه المدن والمحافظات بما فيها العاصمة صنعاء فوراً وبدون أي تأخير واحترام اتفاق السلم والشراكة الوطنية الذي تم التوقيع عليها وادعوهم صادقاً للمضي مع بقية القوى السياسية في استكمال تشكيل الحكومة الجديدة وإلى الشراكة الحقيقية فيها وعدم الهروب منها تحت أية يافطات سياسية وإلى تحمل المسئولية المشتركة في بناء اليمن الجديد الذي نؤمن به يتسع للجميع ولن يبنى إلا بالجميع.
وادعوا كل القوى السياسية الى تحمل مسئوليتها التاريخية في هذا الظرف الحساس وإلى عدم التوقف مطلقاً أمام أية مكاسب أنية وان تكون كما كانت دائماً بمستوى يليق بتضحيات شعبنا الصابر الذي يتوق إلى الأمن والاستقرار شعبنا الذي بتضحياته وصبره بل وبوعيه التاريخي سنبني يمننا الجديد .
يا أبناء شعبنا اليمني .. قدمت مخرجات الحوار الوطني الشامل الحل العادل للقضية الجنوبية بما يضمن معالجة كافة جوانبها وكانت الحلول التي تم التوصل إليها حصيلة توافق مع كافة المكونات السياسية والمدنية ونتائج الحوارات ونقاشات طويلة أفضت إلى توقيع على وثيقة القضية الجنوبية في 24 ديسمبر من العام الماضي .. وأؤكد بأن الضامن الأساسي لحل القضية الجنوبية في شقيها السياسي والحقوقي يقع في وثيقة الحوار الوطني الذي لن نسمح أبداً بالالتفاف عليها لأنها كانت تجسيداً لمبدأ توافق عليه جميع اليمنيين وهو صياغة عقد اجتماعي جديد يعالج إختلالات أصابت نسيجنا الوطني وحرفت مساره ممن لم يقرءوا لحظة الوحدة القراءة التاريخية الصحيحة .. لذا فاني أدعوا شعبنا في الجنوب للالتفاف على ما تحقق من إجماع وطني واسع حول قضيتهم ولعدم الانجرار وراء أية دعوات تنتقص من عدالة قضيتهم ومطالبهم المشروعة وأوجه من خلالهم رسالة لكل اليمنيين وأشقائنا وأصدقائنا في الجوار وفي العالم رسالة مفادها بأننا ماضون على درب معالجة مظالم الماضي لكل اليمنيين وإعادة الحقوق لأصحابها وتحصين اليمن الموحد من العودة الى أساليب الماضي التي أسست للتعسف وهدر الحقوق وأساءت لليمن ومواطنين ودولة .. فالحل الوحيد الآن هو بالالتفاف على مشروع الدولة الضامنة لنا جميعاً لا بتفكيك أواصر الوطن وتقسيمه وأقول أن كل ما تحقق ما كان له أن يتم لولا الدعم الأخوي والصادق من أشقاءنا في مجلس التعاون الخليجي وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية بقيادة أخي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والذي يؤكد في كل وقت وحين بأنهم السند الحقيقي والعمق الاستراتيجي لليمن فكل الشكر والامتنان لكل أصدقائنا ولكل ما يبذلوه معنا في سبيل امن واستقرار ووحدة اليمن .
كما نتوجه بالشكر مجدداً للمجتمع الدولي ممثلاً بمجلس الأمن الدولي على مواقفهم الثابتة والدائمة في مساندة حق الشعب اليمني في التغيير والسعي من اجل حياة أفضل والتأكيد الدائم على الالتزام بوحدة وأمن واستقرار اليمن .
يا أبناء القوات المسلحة والأمن .. عقد الشعب عليكم آماله في حماية الوطن وحملكم هذه الأمانة الجليلة وإن ما حدث في الشهر الماضي وما يجري اليوم لا يليق بمؤسسة عريقة كافح الشعب اليمني من أجل ان تكون قوية وشامخة وتنحاز للوطن فقط وفي كل الظروف أن المخاطر التي تحدق بشعبنا الكبير كبيرة جداً ولا يمكن لأحد أن يتنصل من المسئولية الوطنية والأخلاقية فلا تفرطوا في الأمانة ولا تغريكم المظاهر المزيفة فلطالما كنتم الحصن الحصين للوطن ومقدراته .
إننا حرصنا أن تكون هيكلة المؤسستين العسكرية والأمنية مبنية على أسس وطنية خالصة فلا ولاءات لأشخاص ولا لقبيلة ولا فئة ولا نستأثر لأنفسنا معسكرات وألوية تعمل لمصالحنا الشخصية.. حاولنا ان نبني مؤسسة نموذجية إلا أنه كما يقول المثل الشعبي مخرب غلب ألف عمار ومن اللحظة هذه نرجو أن نتعلم مما حدث وأن لا نخيب آمال شعبنا اليمني في هاتين المؤسستين مجدداً.
يا أبناء شعبنا اليمني العظيم .. نحن معكم في السراء والضراء نتألم بآلامكم ونتعب لتعبكم ونواجه معكم تحديات ومخاطر تتجدد يومياً رغم كل الجهود لمعالجة الأزمات الحقيقية منها المفتعلة ورغم حرصنا ان تكون المعالجة بشراكة وطنية حقيقية من دون أي إقصاء لأي طرف وأقول لكم لقد تحملنا رعونة البعض وقدمنا تنازلات في سبيل التوافق والسلام والأمن والاستقرار ليس ضعفاً أو جبناً ولكن من أجلكم ومن أجل مستقبل أجيالنا القادمة فلا تدعوا اياً كان لحرف بوصلتكم نحو بناء الدولة الجديدة ومشروعكم الكبير بإدخالكم بمعارك جانبية مهما كبرت في أعين البعض إلا إنها صغيرة بعناوينها وبأهدافها لذلك أدعوكم الالتفاف حول حلمكم ادعوكم للدفاع عنه فهو ملككم انتم وليس حكراً على احد ادعوكم للدفاع باتجاه تنفيذ مخرجات الحوار الوطني الشامل باعتبارها مطلبكم وضمانكم الأول والمشروع لمستقبلكم ومستقبل أطفالكم لذا لا تسمحوا لليأس أن يستولي على دولتكم المدنية المبنية على العدالة والشراكة الوطنية المتساوية فلن تغفر لكم الأجيال اللاحقة ليأسكم أو خذلانكم لهم في هذه اللحظة التي تحتاج منكم القوة وبذل كافة قواكم لحماية هذا الوطن ومكتسباته.
ادعوا أبنائي وبناتي الشباب والشابات بالذات لأنهم يكونوا رافعة لأمل وصمام الأمان لحماية هذا الحلم عبر دفعهم باتجاه الحفاظ على ما تحقق في مؤتمر الحوار فخلاصة لهذا الوطن في شبابه وشاباته .. أجدد لكم العهد أنني بكم ومعكم سنمضي بثبات وأملا كبير لإخراج اليمن من دائرة الصراعات الضيقة والأهداف الصغيرة إلى مستقبل ننعم فيه جميعاً بالخير والسلام والشراكة الحقيقية والعدالة الاجتماعية والاستقرار أن شعبنا اليمني لا ينقصه شيء ان يكون مستقراً ومزدهراً فقط نريد ان نضع المصلحة العليا فوق كل المصالح .
وختاماً انتهز هذه الفرصة لأدعو صادقاً محباً كافة الفرقاء إلى أن يقفوا مع أنفسهم وقفة أخلاقية وبمسئولية وطنية يستحضروا الله جل جلاله على نصب أعينهم والشعب أمامهم وأن يقدموا المصلحة الجامعة وقيم التعايش والتآخي والتكامل على كل الأهداف مهما كانوا يعتقدون أنها مثالية وأن نتنازل لبعضنا البعض من أجل أن نمضي معاً للمستقبل الأفضل الذي ننشده جميعاً .. فهل بالإمكان على رغم ما يكون وكان أن نبدأ صفحة جديدة وننتصر فيها للوطن ونكتفي بما حدث من عبث ونتعلم من الماضي البعيد والقريب .. هيا بنا نضع أيدينا في يد بعض و لا ننظر الى الخلف إلا للعبرة ونتسامى على الجراح ونعيد للدولة هيبتها وللشعب مكانته التي يستحقها .
اللهم جمع قلوب اليمنيين على الخير والحق والفضيلة اللهم أحفظ اليمن وأهله من كل مكروه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
حضر الاجتماع مدير مكتب رئاسة الجمهورية أحمد عوض بن مبارك.