بدأت "اللجنة الثورية العليا" التي نصّبها الحوثيون كأعلى سلطة مؤقتة في اليمن قبل أشهر بالتصدع، عقب تزايد الانتقادات الموجهة إليها والتي وصلت إلى توجيه أحد أعضائها البارزين اتهامات لها بالفشل وانتهاج سياسات زادت من الفساد، فيما أطلق أنصار الرئيس السابق علي عبدالله صالح دعوات لتشكيل "مجلس عسكري" يدير البلاد.
وجاء تصاعد الانتقادات على خلفية الأوضاع الصعبة وفي ظل الاقتتال وانعدام الخدمات، فيما فشلت اللجنة بتوفير الخدمات أو التصرف كسلطة مسؤولة عن مختلف أوضاع البلاد والعمل على التخفيف من حدة التدهور، للدرجة التي لم يعد هناك من يعتقد أن لوجودها تأثيراً فعلياً على سير الأمور، في ظل وضع لا يختلف كثيراً عن السلطة الشرعية التي فقدت السيطرة وتتواجد خارج البلاد.
وحسب "الإعلان الدستوري" الانقلابي الذي أصدرته جماعة الحوثيين في السادس من فبراير/شباط الماضي، فإن أبرز مهام اللجنة تشكيل "مجلس وطني" (مؤسسة تشريعية انتقالية تؤلف مجلس رئاسة)، وتحدد اللجنة صلاحيات المجلس وتتخذ "كافة الإجراءات الضرورية" لحماية أمن واستقرار البلاد.
في الواقع فشلت اللجنة في تنفيذ مهامها الرئيسية مع بدء الحرب، لتقتصر إجراءاتها على إصدار قرارات من اختصاص رئيس الجمهورية، مثل تعيين محافظين ورؤساء ومسؤولين في مؤسسات حكومية.
وتصاعدت الانتقادات في الفترة الأخيرة مع استمرار تدهور الأوضاع الإنسانية وغياب الخدمات والتلاعب بشحنات الوقود والمساعدات المقدمة، وكذلك تراكم القمامة في شوارع صنعاء ومدن أخرى، وسط عجز اللجنة عن اتخاذ الإجراءات الكفيلة بالحد من التدهور، وصولاً إلى ظهور "السوق السوداء"، حيث يباع الوقود بأسعار مرتفعة، بتواطؤ ومشاركة عناصر من الجماعة.
وأدى كل ذلك إلى تصاعد السخط الشعبي الذي لم يقتصر على المعارضين بل وصل إلى مناصري الجماعة أنفسهم.
وخلال الأيام الماضية، تطورت أزمة اللجنة إلى التصدع من داخلها، إذ شن عبده بشر، وهو أحد أبرز أعضاء اللجنة، باعتباره نائباً في البرلمان وأسس حزباً سياسياً، هجوماً على اللجنة، مشيراً إلى تقديم استقالته بشكل غير مباشر، بعد أن عرّف عن نفسه بقوله "بصفتي كنت من أعضاء اللجنة الثورية العليا".
وقدم بشر اعتذاراً للشعب "عن الفشل والإفشال المتعمد الذي صاحب أعمال اللجنة"، معتبراً أنه "ناتج عن العشوائية واللامبالاة والارتجال وعدم تحمل المسؤولية والارتهان والشخصنة ووفق الأمزجة والأهواء وعدم تنفيذ البرامج والخطط التي تم إقرارها والتصويت عليها".
وجاء بيان بشر، بعد سلسلة انتقادات وجهها عضو آخر في اللجنة، وهو الصحافي محمد المقالح، الذي اعتبر أن مهام اللجنة "تشكيل مجلس رئاسي ومجلس وطني وحكومة"، وهو ما لم يتم، مشيراً إلى ان الحوثيين أنفسهم يمارسون السلطة على أرض الواقع ولا يلتزمون بقرارات اللجنة، الأمر الذي اعتبره غير مقبول بوصفه ممارسة للسلطة من خارج مؤسساتها.
منذ البداية، كان واضحاً أن تشكيل اللجنة ضعيف، إذ تألفت من 15 عضواً برئاسة محمد علي الحوثي، وأغلب الأعضاء من قيادات الجماعة ومحسوبون عليها من أحزاب أخرى، ممن لا يتمتعون برصيد سياسي يتناسب مع المهام المناطة باللجنة كأعلى سلطة مؤقتة. وكان الحوثيون قد أظهروا في مواقفهم قبولاً بالتنازل عن سلطة اللجنة، في حال تم التوصل إلى صيغة بين القوى السياسية ترتب وضع السلطة.
ووجه العديد من أنصار الرئيس السابق صالح بصفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، انتقادات للجنة الثورية بأنها أعلنت حل البرلمان كمؤسسة شرعية وفشلت في تأسيس مؤسسات بديلة، وأن حلفاءها الإقليميين (إيران على وجه التحديد) لم يفعلوا شيئاً لمساندتهم بعد أن ورطوا البلاد في حرب مع السعودية، حسب بعض الانتقادات.
مجلس عسكري
مع تصاعد الانتقادات ضد "اللجنة الثورية" وفشل مشاورات "جنيف" في الوصول إلى حل توافقي، انطلقت دعوات للحوثيين من بعض مناصريهم تطالبهم بتشكيل حكومة أو مجلس رئاسي يدير البلاد، بينما بدأ العديد من أنصار صالح حملة تطالب بتشكيل "مجلس عسكري" يتولى السلطة في البلاد. ودشّنوا وسماً نُشر في صفحات محسوبة على "الحرس الجمهوري" تحت عنوان مجلس_عسكري_يحمي_وطني".
وكانت دعوات سابقة لتشكيل مجلس عسكري قد ظهرت، وخصوصاً بعد استقالة الرئيس عبدربه منصور هادي في 21 يناير/كانون الثاني الماضي، قبل أن يتراجع عن استقالته لاحقاً.
غير أن صالح الذي يمتلك نفوذاً على أغلب الوحدات العسكرية لم يذهب باتجاه هذا الخيار، في ما بدا أنه خشية الاصطدام بحلفائه الحوثيين. ومن الواضح بعد أشهر من الحرب التي غيرت كثيراً وجه المعادلة في البلاد، أن فكرة "مجلس عسكري" أو أي خطوة أخرى باتجاه تشكيل سلطة بديلة لن تلقى معارضة قوية من الحوثيين.
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط
https://telegram.me/alyompress
اقرأ ايضا :
اضف تعليقك على الفيس بوك