تساءل كثيرون عن سبب قيام شركة فيسبوك بدفع 19 مليار دولار -ما بين أسهم ونقد- للاستحواذ على شركة واتس أب الناشئة، وتتفاوت الآراء التي تحاول الإجابة على هذا التساؤل لأن السبب الحقيقي يحتفظ به مؤسس فيسبوك مارك زوكربيرغ.
منذ إطلاقها قبل خمس سنوات حققت خدمة واتس أب نموا مذهلا ووصل عدد مستخدميها النشطين شهريا إلى 450 مليون شخص، يستخدمونها لإرسال نصوص وصور ومقاطع فيديو وملفات صوتية عبر الإنترنت، لأفراد أو جماعات.
وبعد الصفقة الضخمة أكد زوكربيرغ أن فيسبوك وواتس أب يتقاسمان نفس المهمة وهي ربط العالم بشكل أفضل، مضيفا أن عدد مستخدمي واتس أب سيبلغ قريبا المليار.
الشباب
وتقول جانيكه سلويتخس من المبادرة الهولندية "بيتس أوف فريدوم" المدافعة عن الحقوق الرقمية إن فيسبوك يريد الوصول إلى مجموعة مستخدمين لم يكن له بهم صلة في السابق، مضيفة أن واتس أب لم يحقق عمليا شعبية كبيرة في أميركا لكنه أصبح واحدا من أهم شبكات التواصل في أوروبا والهند والبرازيل، وخصوصا لدى الشباب.
وترى أنه بمساعدة واتس أب يمكن لفيسبوك أن يجذب المزيد من المستخدمين الشبان الذين أداروا ظهورهم لشبكة فيسبوك خلال الفترة الماضية.
وتدعم هذا الرأي المحللة ريبيكا ليب في مؤسسة استشارية لدى صحيفة "وول ستريت جورنال" بقولها إن فيسبوك يريد ضمان الوصول إلى الشباب الصغير السن الذين لم يعد بإمكانهم العيش دون خدمات رسائل (الموبايل) القصيرة.
ورغم ذلك فإن محللين كثرا تساورهم شكوك من قيام فيسبوك بدفع 19 مليار دولار فقط من أجل الوصول إلى قطاع المستخدمين الشبان، ويرون أن الغرض من هذه الصفقة هو الوصول إلى بيانات المستخدمين.
وبهذا الخصوص تقول المحللة لدى مؤسسة "أكسيس" للحقوق الرقمية رايغن ماكدونالد -في حديث مع وكالة دويتشه فيلله الألمانية- إن عملية الاستحواذ ستزيد من قاعدة البيانات لدى فيسبوك بشكل هائل.
ورغم أن واتس أب ستبقى مستقلة بنفسها، كما ذكر مؤسسها جان كوم، فإنه لا يوجد مانع يحول دون قيام فيسبوك بالحصول على ما تريده من معلومات عن سلوك مستخدمي الخدمة، حسب ما تحذر سلويتخس التي تضيف بأن فيسبوك سيعرف الكثير عن كيفية تواصل الأشخاص وما الذي يحبونه، وقالت "إنهم يعرفون عنك أشياء أنت ذاتك لا تدري أنهم يعرفونها".
سيطرة
من جهته يرى موقع تيكلاند المعني بأخبار التقنية أن فيسبوك يريد مد سيطرته إلى أكبر عدد ممكن من المستخدمين، ويقول إن عملية الاستحواذ هي مسألة دفاعية، فعندما تكون ضخما كفيسبوك ويستقطب أحد آخر غيرك الاهتمام فهو خصم، وفي حالة واتس أب -الذي قد يبدو بأنه بديل ذكي للرسائل النصية القصيرة (إس إم إس)- إلا أنه شبكة اجتماعية خاصة يستخدمها مئات ملايين الأشخاص لمشاركة الصور والفيديو والصوت والتواصل مع الأصدقاء، فإن لم يكن ذلك يعد منافسة، فلا شيء آخر يعد كذلك إذن، حسب الموقع.
إلى جانب ذلك ولأن فيسبوك صمم من الصفر كمنصة للهواتف الجوالة، فإنه كان قادرا على ركوب موجة الهواتف الذكية التي اجتاحت الكرة الأرضية، حسب تيكلاند. ففي عام 2008 كان هناك أقل من 150 مليون هاتف ذكي في العالم، واليوم يصل عددها إلى 1.5 مليار هاتف، وفي عام 2017 يقدر بأن عددها سيصل إلى 2.5 مليار.
ورغم أن فيسبوك نجح خلال السنوات الأربع الماضية بمد منصته الاجتماعية إلى الهواتف الذكية، لكن "دي إن أي" واتس أب -كما يقول الموقع- تجعل من الصعب هزيمته، فهو بسيط ولا يعاني من مخاوف الخصوصية التي أحاطت بفيسبوك.
المستقبل
لكن تيكلاند يرى في نهاية المطاف أنه من الصعب معرفة السبب الحقيقي وراء هذا المبلغ الضخم للاستحواذ على واتس أب، وأنه في غضون خمس سنوات من الآن قد يظهر زوكربيرغ بمظهر الأحمق أو قد يظهر بمظهر النابغة، وذلك لأن عالم الشبكات الاجتماعية يمكن أن يكون قاسيا بشكل كبير، على حد تعبيره.
لكن بالنسبة للشريك المؤسس لشركة واتس أب -بريان أكتون، الذي رفضت كلا من فيسبوك وتويتر توظيفه عام 2009- فإن تلك المخاوف لا أساس لها، وذلك لأن 16 مليار دولار من أصل قيمة الصفقة هي على شكل أسهم، وهو الآن يملك نحو 1.5% من الشركة التي تصل قيمتها إلى 175 مليار.
أما شريكه الآخر جان كوم، فيملك حاليا 3.25% من فيسبوك. ويشير موقع تيكلاند، إلى أنه عندما وقع الاثنان الصفقة مع فيسبوك فإنهما فعلا ذلك في ذات المبنى الذي وقف كوم (وهو مهاجر أوكراني) أمامه في يوم ما في طابور طويل لجمع قسائم الطعام.
للإشتراك في قناة ( اليوم برس ) على التلغرام على الرابط
https://telegram.me/alyompress
اقرأ ايضا :
اضف تعليقك على الفيس بوك